جحيم الواقع- الجزء الاول

جحيم الواقع- الجزء الاول


 

أبو صالح....

رحمتك وسعت كل شيء يارب العالمين...رحمتك وسعت كل شي....

مر أكثر من شهر وأنا فاقد الأمل في إنها تصحى من هذه الغيبوبة..رغم كلام الدكاترة المطمن ليا في إن إستجاباتها الحيوية كويسة إلا إني كنت يائس من إن صباي ترجع لي من جديد ...واليوم بس رجعت لي الحياة... رجع لي الأمل...أحمدك يارب وأشكر فضلك..أحمدك يارب..

كنت جالس عند راسها أقرأ القرآن..وهذه حالتي من أكثر من شهر ..

أجلس عند راسها وأمسك يدها وأبدأ أقرأ ....وأقرأ ..و أقرأ...مالي ملجأ غيره...هو الوحيد العالم بحالي...هو الوحيد المطلع على إلي بقلبي...هو الوحيد إلي وكلته أمري وشكيت له همي....هو أرحم الراحمين..

وأثناء قراءتي..حسيت بيدها تضغط على يدي...وقفت قراءة..وإلتفت لها بسرعة..وقربت منها أكثر وناديتها بكل لهفة وخوف: صبا!!...صبا!!

رجعت ضغطت على يدي مرة ثانية...صرخت بكل صوتي من الفرحة: صالح!! صاااااااالح!!....

كلهم جو...وقلي صالح بخوف: خير يبا خير !! صبا جرالها شي؟؟

قتله بسرعة: صبا!! ..صبا تحركت ...تحركت!! ...حركت يدينها الحين !!

قرب مني بسرعة وسألني فرحة : من جد يبا!!.. من جد !!

من الفرحة ما عرفت إيش أسوي..كل إلي قدرت عليه إني قربت منها أكثر وقتلها وأنا أبكي: صبا !! حبيبتي ردي عليا ..!! تسمعيني !!

جاني منها صوت مو مفهوم... زي همهمة خفيفة : همممم....

حسيت الدنيا صغيرة صغيرة وماهي سايعاني من الفرحة ..صرخت فيهم مرة ثانية: نادو د. سليمان..صبا صحيت .!..نادوووووه!!

جانا الدكتور والممرضات في لمح البصر ..

أول ما شفت د. سليمان قتله بفرحة ما توصف: صبا تسمعنا !! ..ناديتها وردت عليا يا دكتور..!! بنتي رجعتلي ..حياتي رجعت لي..ماقدرت أكمل دموع الفرحة ألجمتني..

الغرفة كانت مرة رجة الكل كان فرحان ومبسوط..والاولاد جالسين يحضنو في بعض من الفرحة ...

طبعا الدكتور أنزعج وقلنا: لو سمحتو يا جماعة ممكن تستنو برى!! عشان نعرف نشوف شغلنا....من فضلكم!!....

أنا كنت أول من طلع من الغرفة وعلى طول رحت مصلى المستشفى صليت ركعتين شكر لله..بكيت من الفرحة..من فرحتي نزلت دموعي أضعاف ما نزلت عليها وهي في الغيبوبة..ماحسيت غير بيد تمسح دموعي كان صالح...

قرب مني وحب راسي وكتفي وقلي بفرح ممزوج بلوم: ليه الحين هذه الدموع الغالية يبا؟؟

قتله : هذه دموع الفرح يا صالح..الحمد لله يارب..اللهم أحمدك وأشكر فضلك ..اللهم لك الحمد كما يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك ..

قلي وهو يحب راسي مرة ثانية: تستاهل سلامتها يالغالي..وجو بقية الشباب وسو زيه..

ورجعنا لغرفة صبا ..ووقفنا ننتظر الدكتور عند الباب..

بعد شوية الطبيب طلع من عند صبا ..وما كان باين على وجهه أي تعبير ..

رحت لعنده وسألته بكل لهفة: بشرني يا دكتور!!

قلي بهدوء: الحمد لله البنت بدأت تسترد وعيها...

قلنا كلنا بصوت واحد: الحمد لله...

رجع الدكتور كمل: لكن بتاخذلها فترة على بال ماترجع لحالتها الطبيعية...

الحين تقدرو تدخلولها ..لكن واحد واحد وبهدوء..ولا تطولو عندها..ولا تحاولو تتكلمو معاها..لانها لسى ما استردت وعيها بشكل كامل..

وسكت شوية ورجع قلي:عم منصور ممكن تجي معي ..!!


 

رحت معاه وانا مو مطمن...كنت متأكد إن ورا هدوء د. سليمان شي كبير ..

دخلنا مكتبه وقلي وهو يجلس ورى المكتبك: تفضل يا عم ( الدكتور سليمان..إنسان بمعنى الكلمة متفاني ومخلص في مهنته...بالإضافه لكونه طبيب ممتاز..تحس إنه صديق مقرب لك..يحسسك بإهتمامه..متفهم متواضع..مو زي بعض الأطباء ..إلي يكلمك من طرف خشمه وما يكلف نفسه حتى إنه يطل في وجهك..بإختصار مثال مشرف للطبيب السعودي)جلست بهدوء وانا مركز نظري عليه..مترقب للكلام غلي بيقوله ..

مسك قلم وبدأ يحركه في يده..صرت عارف إن الدكتور سليمان لما يسوي هذه الحركة معناته إن في خبر سيء راح أسمعه الحين منه ...

سلمت أمري وجلست ساكت ..فضلت إنه يقلي هو الخبر إلي عنده بالطريقة إلي يشوفها هو مناسبة..وما طول سكوته..قلي : الحمد لله على سلامة صبا ..

قتله بصدق وإمتنان:الحمد لله..هذا كله بفضل الله ..ثم إهتمامكم بحالة صبا..جزاكم الله عني وعنها الف خير

قلي : ما سوينا غير واجبنا..

وسكت شوية...و رجع قلي:بالنسبة لحالة صبا ..الحمد لله تجاوزنا المرحلة الأصعب..

وهي الغيبوبة..

قتله: الحمد لله

قالي:لكن يا عم صالح البنت..تعرضت لكسور شديدة في العمود الفقري...ونتيجة لهذا..

قاطعته بيأس: صبا بتعيش طول حياتها مشولة؟؟

قلي:خل أملك في الله كبير... كل شي بيده..ومافي شي يصعب عليه سبحانه..

قلت بقنوع: والنعم بالله.

رجع قلي: إحنا مبدإيا راح نسويلها عملية...

قتله بسرعة: والعملية نتيجتها مضمونة..؟؟

قلي: كل شي بيد الله تعالى ..لكن ماراح نجري لها العملية الحين....بنستنى ونشوف مدى إستقرار حالتها ...وساعتها راح نتكلم أكثر في تفاصيل العملية..

سكت لكني شفت باقي في عيونه كلام ..

قتله بتسليم: د.سليمان قول كل إلي عندك مرة وحدة..أنا إنسان مؤمن بقضاء الله وقدره..

قلي :كنا خايفين من إحتمال حدوث فشل كلوي ..لكن الحمد لله ..قدرنا بأعجوبة نتدارك الموقف ...لكن ...كمية الدم إلي نزفته صبا..سبب لها إلتهابات في الكلى ..وراح..... تعيش بقية عمرها على الأدوية..

سلمت امري لله في حال بنتي الوحيدة: الحمد لله على كل حال..

من يوم طيحة صبا ..وانا حاط أسوا الإحتمالات في بالي...بالرغم من إن قلبي يتقطع على حال بنتي..إلا إني وكلت امري لله...وربنا تعالى قضاه كله فيه خير ..

خلصت كلامي مع الدكتور ورح وانا قلبي سابق خطاي عشان اشوف صبا..بالرغم من كل شي..إلا انها رجعتها لي تسوى الارض وما فيها...

شفتهم كلهم واقفين عند غرفتها ..اول ما شافوني ..أبتسمو ابتسامة ردت لعروقي الدم...ما قدرت أسألهم..تعديتهم بسرعة ودخلت عندها ...قربت منها ..ولميت كفوفها الصغير بيدي وبيدي الثانية مسدت على شعرها..

قتلها بحنية: الحمد لله على سلامتك يا صبا ..ووطيت عليها وبستها على جبينها ..حسيت بيدها تضغط على يدي بخفة..وفتحت عيونها ببطأ ..اول ما حركت عيونها..عرفت ان الدنيا من دون صبا ما تسوى عندي ولا شي..وإنه على شان نظرة من هذه العيون ..أسوي أي شي..وأستحمل أي شي

جاني صوتها ضعيف مرة ويادوب قدرت اسمعه: بابا !!

دمعت عيوني ..كلمة بابا واحشاني منها ..آآآآآآآه ..مرت عليا ايام كنت اتخيل فيها هذه الكلمة من صبا..

رجعت لي الحياة بعد ما كنت روح من دون جسد..رجعتلي روحي برجعت صبا..بالقوة تماسكت نفسي وقتلها بحب: عيون بابا..روح بابا..

جاني صوتها الضعيف: انا فين ؟؟

قربت منها وملت عليها أكثر : إنتي في حظن بابا..

شفتها ملامحها ارتاحت اكثر ....وغمضت عيونها مرة ثانية...

............

سعود.......

اول ما سمعت نبرة صوته ..ارتحت..سبحان الله..فعلا ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال...

قتله بفرحة: تستاهل والله قومة صبا بالسلامة..الف مبروك يا ابو صالح..الحمد لله على سلامتها..

قلي بصوت كله فرحة : الله يبارك فيك يا سعود..ولا يفجعك في عزيز عليك ابدا ..

حسيت من دعوته قد إيش قلبه كان محروق على إلي حصل لصبا

...وكيف ما ينحرق وهذه بينته الوحيدة...بنته إلي يشوف الدنيا بعيونها..

عمري ماشفت أب يخاف على بنته زي منصور..

صح إن منصور حنون..ويحب كل عياله..لكن حبه لصبا فوق الكل..

في يوم جلسنا نتكلم عن خوفه الزايد على صبا ..

قلي يومتها:لانك ما تعرف صبا إيش بالنسبة لي...كل العشق إلي عشقته لحلا ...تحول لصبا..جمعت حبي لها وحبي لأمها..صارت حياتي ودنيتي..

حبيتها لانها بنتي..وزاد حبي لها..لاني كل ما شفتها شفت حلا قدامي..والله ما اشوف الدنيا حلوة غير لان صباي فيها..هذه بنتي ودلوعتي ودنيتي..

سبحان الله...الراحة بانت في صوته...

لسى أذكر نبرة صوته يوم بلغني الخبر...والله حسيت بروحه راح تطلع مع كل حرف يطلعه...

يومها الخبر نزل عليا زي الصاعقة...على طول وقفت كل أشغالي ونزلت جدة..

كان لازم اوقف بجنب منصور..هذا أخوي الكبير..ولولا توفيق الله ثم وقفته معي ما وصلت للي أنا فيه الحين....

لما وصلت المستشفى ...انصدمت ..هذا مو منصور أخويا..القوي الصلد..إلي واقف قدامي إنسان ثاني..انسان لا حول له ولا قوة...والله ما الومه..إلي حصل هزه من الأعماق..إلي حصل هزنا كلنا..فكيف هو؟؟..

.......

خلصت مكالمة مع منصور وطلعت الصالة ..كانو خلود وخالد جالسين يتفرجو على فلم كرتون...وعلى ملامحهم بسمة الطفولة البريئة...وعرفت معنى كلمة منصور لما قال ..إنه مايشوف الدنيا غير بعيون صبا...فعلا عنده حق...لان خلود وخالد عندي بالدنيا وما فيها ...

جاني صوت سلمى: سعود يلا حبيبي الغدى جاهز !!

ابتسمت..مو بس خلود وخالد ..خلود وخالد وأمهم..

جاني صوتها مرة ثانية : إيش هذه الإبتسامة الحلوة؟؟فررحني معاااك؟؟

التفت عليها لقيتها مبتسمة لي وتطل عليا بنظرات حب..عمرها ما بدلتها من يوم صارت لي حليلة..قربت منها مرة وقتلها بلا مقدمات: أحبك

ضحكت ومدة يدها وحطتها على جبيني: هههههههههه وانا احبك

بس وش فيك اليوم؟؟ مسخن !!

سحبت يدها وبستها بحنية وقتلها بلوم مصطنع: يعني لما احبك اكون مريض؟..إذا كذا مستعد اكون طول حياتي مريض

قربت مني بسرعة ورفعت يدي وباستهم : بعيد الشر عنك!! عدوينك وإلي يكرهوك ...

قتلها : سوسو...تحبيني؟؟

رجعت ضحكت وقالت: ههههههههههه لا

كنت متأكد إنها تمزح بس حز في خاطري إنها قلت لي لا ...وكمان حبيت إنها تدلعني شوية ..

سحبت يدي من يدها ..

وقتلها وانا اعطيها ظهري: ما ابغى غدا ..إتغدي انتي وعيالك ..وانا سيبيني لوحدي ورحت غرفة المكتب..

دخلت المكتب وانا اضحك في قلبي عليها..المسكينة راح تفكر إني زعلت منها من جد...ههههههههههه أحسن ..عشان تحرم ...

دخلت الغرفة وجلست على المكتب ...وانا متأكد إنها راح تلحقني ..وفعلا لحقتني و اول ما حسيت بخطواتها سويت نفسي اني مشغول بالأوراق إلي قدامي ..

شفتها بنص عيني وهي تقرب من المكتب وبعدين وقفت قدامي وطولت الوقفة..رفعت راسي لها وشفتها تطل عليا بإبتسامة هادية..

رجعت نظري على الأوراق وقتلها : قتلك ما ابغى غدا ..روحي تغدي وسيبيني اشوف شغلي!!

تحركت من مكانها ولفات لغاية ما صارت واقفة بجنبي عند الكرسي وقالت لي: انا ابغى أتغدى بس انت مانعني

التفت لها وقتلها بإستغراب مفتعل: انا!!

ميلت عليا وقربت وجهها من وجهي وركزة عيونها على عيوني :وليه مستغرب !!ايوا... إنت تدري إن نظراتك تغديني وتعشني ..نظراتك زادي ..ومع هذا تبعدهم عني ..وحطت يدها على وجهي وقالتلي بدلع: ها مانعني ولا لا؟؟

يا ناس !!!!!.....إيش مسوية فيا..مجنناني ...وقفت وضميت يدها وبوستهم بحب وقتلها : سلمى احبك...

قالتلي: وانت عارف إني اموت فيك ..واحبك وأعشقك...بس تبغى تدلع عليا من وقت للثاني

ضحكت: هههههههههههه اتاريك كاشفاني

سلمى : هههههههههه من زماان

رجعت قالتلي: قلي من جد..ليه مبسوووط

ضربت بكفي على جبيني بحركة خفيفة : يووووووه نسيت!!

سألتني: إيييش؟؟

قتلها بفرح : صبا قامت من الغيبوبة !!....الحمد للله ...

لمتني بسرعة: الحمد لله حبيبي...الحمد لله على سلامتها

قلتلها: الله يسلمك من كل شر يا قلبي ..

سألتني: منصور كلمك؟؟

قتلها: ايوا الحين كلمني..وبشرني..

رفعت عيونها ليا...إنصدمت لما شفتها..كانت مليانة دموع ..

رفعت يدي ومسحتهم بسرعة و سألتها بعتب: سوسو حبيبي ليه الدموع ؟؟

قالت:صبا المسكينة مرت بتجربة قاسية مرة عليها..مدري كيف حالتها الحين؟؟

لميتها بحنان:ربك ثبتها وثبتنا كلنا …الحمد لله على كل حال

قالت لي : سعود أحبك…ربي لا يحرمني منك..

مسكت خدودها بيدي وقتلها بحب : ولا يحرمني من هذه الخدود الحمر

ضحكت: ههههههههههه....آآآآمين...

................................


 

صبا.....

كنت أسمع صوت رتيب عند إذني بإستمرار...هذا الصوت كان الشي الوحيد إلي شادني للواقع...

ولما ينقطع عني هذا الصوت كنت ارجع أهوي لعالم الغيبيات....

ما كنت مميزة إيش طبيعة الصوت هذا بالزبط..لكني كنت أرتاح كل ماتكرر..

الصوت هذا كان بمثابة اليد إلي أنتشلتني من السواد إلي كان حولي..

وبتدريج ...بدأت أميز الصوت أكثر صوت مألوف ..صوت أحب أسمعه...

بدأت المح إلى جانب الصوت..هالات من نور..تكسر الظلام الرهيب إلي كان حولي..

الصوت صار مسموع أكثر وواضح أكثر...

هذا صوت أبويا !!...أيوا صوته..لكن هو فينه؟؟...ليه ما اشوفه !!...ليه ما اشوف غير عتمة وسواد!!...

حاولت أناديه لكن ماقدرت...صوتي مكتوم...وكأن في أحد طابق على فمي...وجسمي...ثقيل ...مو قادرة أتحرك..

بالقوة حركت يدي..حسيت بدفء يتسرب لكل جسمي...ورجع صوت ابويا مرة ثانية..حسيت إنها فرصتي الأخيرة ....عشان أطلع من العتمة إلي أنا فيها...حاولت اناديه...لكن لك إلي طلع معايا همهمة مكتومة..ماقدرت أتكلم..بعد شوية الأصوات كثرت حولي ...وفجأة سكتت...ورجعت لعالمي الغيبي من جديد....

...............


 

أمل.....

دخلت غرفة أكرم ونغم..عشان اشوفهم..ياقلبي عليهم..يوحشوني كثير..

وقفت عند باب الغرفة...المنظر إلي شفته ..حرك كل شعرة في جسمي ..

أمي كانت شايلة نغم في حظنها وباليد الثانية تهز أكرم..وكانت تبكي بحرقة

والله حالتها تقطع القلب..قلبها مشطور بين حزنها على رحيم..وفراقها لتماضر إلي كسرها وكسرنا كلنا... تماضر إلي كانت ماتشوفها غير بنتها الثالثة ..وبين خوفها عن هارون إلي مر أكثر من شهر وإحنا مو عارفين عنه شي...تلفوناتنا مايرد عليها..ومحنا عارفين له طريق..حتى الشقة إلي أخذها من سنتين ما نعرف مكانها... من جد شي يخلي عقل الواحد يشت..الله يكون في عونك يا أمي...

قربت منها وبست راسها ..وجلست جنبها وشلت أكرم ..لانه بدأ يبكي بصوت عالي ..قتلها : وبعدين يالغالية !!..لغاية متى هذه الدموع!!

قالت لي بصوتها الباكي: لغاية ما يرجعولي عيالي..لغاية مايرجعلي هارون ورحيم زي زمان!!...

قتلها : يما فترة وبتعدي..لا تسوي بنفسك كذا!!...ترى صحتك أغلى علينا من كل شي ..

بدل ما اهديها بالكلام ذا...شفتها زادت ..وقالت بحرقة: لكن انا مافي أغلى عليا منكم!!...آآآه يا امل الهم إلي بقلبي مايعلمه غير الله سبحانه ..إيش يا امل تبغيني أسوي..وانا اشوف هارون ورحيم ...على هذه الحالة!!.

كيف أهدأ..وانا اشوفهم الإثنين بيضيعو مني!!..

سكتت ورجعت قالت بصوت يقطع القلب: يارب لك الحمد..انت ارحم الراحمين..يارب لك الحمد..

حظنتها وصرت أبكي معاها ..ماقدرت أكتم الغصة إلي بقلبي..هارون وااحشني كثير..جمعتنا كلنا مع بعض واحشااني مررررة..يارب متى نرجع نجتمع مرة ثانية...يارب أرؤف بحالنا..يا ارحم الراحمين ..

بعد شوية جانا صوت سراب المزززززعج مامااااااا!!..اماااااااال!!.. رحيييييييييم.. ..كلكمممم تعالو تعالو !!..

فجعتنا بصوتها ..البنت ذي متى راح تعقل!!

سألتني أمي بفزع: وش فيها سراب تصرخ كذا!!

قتلها: مدري عنها!ّ! بروح اشوف إيش عندها..وحطيت أكرم وجيت بقوم إلا وصوتها مرة ثانية: ماما !! مااامااا!!...هارون رجع ..هاااارون هنا...فينكم؟؟

ما كنت مصدقة إلي تقوله..إلتفت لأمي بفرحة: يما سمعتي؟؟

هارون رجع!!

أمي من الفرحة تخشبت مكانها...

هزيتها بيدي بخفة: يما يما !!هارون رجع!!

التفتت عليا بذهول..وكأنها مكذبة نفسها..

حظنتها بقوة وقتلتلها بفرحة: رجع يما رجع!!..

إعطتني نغم ..وقامت..طلعت من الغرفة وهي لسى ماهي مصدقة..والذهول لسى باين في ملامحها..

أنا على طول أعطيت نغم للمربية وجيت بطلع ..لكن رجعت وأخذت نغم وخليت المربية تاخذ أكرم ..جا ببالي إن هارون بيجي دقايق ويسلم علينا ويمشي..ففكرت إنه إمكن لو شاف أكرم ونغم يحن قلبه ويغير رأيه ويجلس معانا..

صح تفكير عبيط..لكنها محاولة ياائس..لانا صراحة تعبنا من هذا الشتات إلي عايشينه..

طلعت من الغرفة وانا أسترجع ملامح هارون ..لأكثر من سنتين وأنا ماشفته غير دقايق...وصلت للدرج وطليت بعيوني لقدام..وقفت مكاني..جسمي كله أرتعش..

هارون جالس علىنهاية الدرج على ركبه وماسك يد أمي..وأمي جنبه ماسكة بيدها الثانية وجه هارون ..كنت أسمع شهقاته وشهقات أمي في نفس الوقت

المنظر وصوت هارون وهو يبكي ويقول لامي بندم: سامحيني ..سامحيني يالغالية..

المنظر يخلي الحجر ينطق..

........................................


 

هارون...

يااااا الله ...وااااحشني هذا الوجه..وااحشني هذا الحظن الدافي...وااحشني لمتها الحنونة..كيف قدرت أبتعد عنهم!!

..قلتلها وانا ابوس راسها ويدينها

: واااحشاااني يما.. واااحشاااني !!..

طلت في وجهي وعيونها كانت تقول الكثير..شفت فيها حزن وزعل و...فرح..

حطت يدها على وجهي وقالت بصوت غلبته الفرحة والبكاء في نفس الوقت..

وكانت تشهق بين الكلمة والثانية: طولت عليا يما!!..تعبتني يا هارون ببعدك عندي؟؟

نزلت دموعي..ما قدرت أقاومها ..

جلست على ركبي قدامها ولميت يدينها وبستهم وقتلها وانا ابكي : ساامحيني يما!!...سامحيني يا أم هارون..ما راح ابعد عنكم ثاني..ما راح اسيبكم مرة ثانية..سااامحيني ..سامحيني يالغالية..

جلست أمي بجنبي ورجعت مسكت وجهي بيدها : وانا من متى زعلت عليك..يا حبيبي!!..قلبي راضي عنك..

سحبت يدها إلي كانت ماسكة وجهي ولميتها مع اليد الثانية وبستها بحب..وقتلها: الله لا يحرمني من هذا القلب الطيب ياااارب..

قمت من على الأرض وقومتها معي..

شفت أمل كانت واقفة وهي ماسكة طفل في يدها..واول ما شافتني أطل عليها أعطت الطفل إلي في يدها لسراب وجريت عليا وهي تبكي: هااارون...واااحشني..ورمت نفسها عليا..وهي تقول بصوت عالي: لا عاد تسيبنا ..الله يخليك يا هارون..لا تسيبنا...واااحشني..واااااحشني ..

لميتها بحنية وبستها على راسها وقتلها : وانتي واااحشاني يا امولة..والله كلكم واااحشني..

قالت لي وهي لسى في حظني: الحمد لله على رجعتك لنا بالسلامة..

قتلها وانا امد يدي الثانية لسراب إلي كانت واقفة قريب منا وتبكي : الله يسلمك يالغلا..

حسيت والثنتين في حظني بمدى الفراغ إلي كنت عايش فيه..حسيت بالدفء..إستحالة اسيبهم مرة ثانية بعد ما رجعت لهم..

وقبل ما أسأل عن بقية إخواني وأبويا جاني صوت....واااحشني كثييير: هااااااااارووووون

رفعت بنظري شفت رحيم واقف على بداية الدرج من فوق ..وفي لمح البصر صرنا في أحظان بعض...استمرينا حاضنين بعض مدة طويلة ..ما اعرف كم مر علينا...كل إلي كنت عارفه..إني من سابع المستحيلات إني ابعد عنهم مرة ثانية...

بعدين دفني من حضنه بخفه وقلي بلوم مخلوط بحزن ماعرفت سببه: يا نذل!!...كذا تتركنا وراك ولا تسأل عنا !!

شديت على يده بالقوة وقتله: خلاااااص...مااااا راح أفارقكم مرة ثااانية...

شفته ساكت ومبتسم نص إبتسامة..

اول ما طاحت عيني على رحيم حسيت بشي غريب..هذا مو رحيم أخويا إلي أعرفه..لا شكله ولا روحه..كانت حالته حاله..مرررة مبهذل..وطالعاله لحيه..مكبراه 20 سنه فوق عمره..

سألته بإندهاش: من متى ربيت هذه اللحيه..عهدي بك لحيتك صغيرة مرة..مو كذا؟؟

شفت الكل ملامحه تغيرت..رحيم نفسه..مزاجه تبدل ..

طليت على امي بإستغراب..ماني فاهم القصة ..

شفت رحيم راح شال الطفل إلي بيد سراب وتقد مني ومد لي الطفل وقلي بفرح مخلوط بحزن: شوف بنت أخوك؟؟....عروووسة صح!!

حسيت الدنيا مو سايعاني من الفرحة..هذه بنت رحيم!!..قتله وانا اشيلها بحرص..لانها كانت صغيرة مرة: اللهم صلي على النبي..بسم الله الرحمن الرحيم..

كان وجهها صغير مرة وأحمر مرة ..مسكت يدها..كانت صغيييرة مرة ..كأنها إصبع من أصابعي ...ما شاء الله عليها.. قتله وانا اقرب يدها الصغيرة من فمي: والعروسة إيش اسمها ؟؟

قلي : نغم..والعريس أخوها أكرم ..رفعت راسي له لقيته شايل طفل ثاني في يده..كأنه كربون من البيبي إلي بيدي..ورفعت عيوني فيه بدهشه: توم؟؟

هز راسه وابتسم بهدوء..

ضحكت من الفرحة: هههههههههههههه..الله يخليهم لكم يارب..ويفرحك وتماضر بهم ..آآآمين ..وتشوف توائمهم كمان هههههههه

ولا أحد ضحك بالعكس حسيت إن الجو توتر مرة ثانية..وكمان ملاح رحيم رجعت تغيرت ..حسيت بشي غلط في الموضوع ..

قربت مني أمي وشالت نغم من يدي: إدخل يا حبيبي وقفناك على الباب ..من الفرحة والله تربطنا وما عرفنا أيش نسوي ..

وطيت عليها وبست راسها: الله يخليكم لي يالغالية..

وجلسنا في الصالة ..سألت عن أبويا ويحيى..جاوبتني أمي إنه ماباقي شي على جيتهم ..

طبعا ما خليت أحد يقلهم ..بغيت أخليها مفاجأة..

بعد شوية قامت امي وشالت سراب وامل ..وجلسنا انا ورحيم لوحدنا..

قمت من مكاني ورحت جلست بجنب رحيم ..وحطيت يدي على كتفه وقلتله بفرحة: والله ولك وحشة يا بو أكرم..

شفت ساااكت ولا رفع راسه ليا حتى..إستغربت من حال رحيم..إيش الحكاية!!..

قربت منه وسألته: رحيم!!..إيش فيك..مالك متغير!!

رفع راسه وفاجأني منظر عيونه الحمرا إلي زي الدم وقلي بمرارة حسيتها من صوته: ما لحقت تفرح فيهم!!..مالحقت أفرح معاها!!..جابتهم ليا وراحت!!..تركتني لوحدي وراحت!!..ليتني رحت معاها..

إنصدمت..تماضر ماتت!!...لا حول ولا قوة إلا بالله ..الله يعينك يا رحيم..شفته ينتفض في مكانه ..وقبل ما أواسيه أو أقله ولا كلمه..إنتفض من مكانه وطلع يجي وهو يبكي..ناديته : رحيم!!..رحيم!!...ما رد عليا..

جيت بطلع وراه إلا وأسمع: فينه ؟؟...فينه!!!

.......................................


 


 


 


 

هذا وقت رجعة أبو هارون ويحيى من الشغل ... يرجعو البيت ياكلو لقمة سريعة ويرتاحلو لهم شوية ويرجعو على الشغل (ابو هارون ماسك منصب حساس..وما شاء الله له معارف من كل الطبقات والشخصيات المهمة في البلد...بالإضافة إلى مؤسسته الخاصة..وتعتبر من اكبر المؤسسات في جدة .وإلي ماسكها رحيم ويحيى..وحاليا الشغل كله فوق راس يحيى الله يعينه ..عشان حالة رحيم )..وهم داخلين البيت لفت نظرهم السيارة إلي كانت واقفة برى قدام مدخل الفيلا ومو موقفه في الجراج..قدم يحيى من السيارة وجلس يتأملها...وبعدين سال ابوه: سيارة من ذي؟؟

قله ابوه:والله مدري ..بس السيارة ذي مو غريبة عليا كأني شايفها من قبل

قرب يحي من السيارة..وجلس يدور حولها ويتأملها وفجأة وقف وضرب راسه بكفه بخفه: سيارة هاررون...والله سيارته..يبا هارون رجع..هارون هنا!!..ودخل الفيلا يجري وهو مهو مصدق نفسه من الفرحة : فينه !! فينه!!..

لقيه واقف قدامه..هارون أخوه بشحمه ولحمه ..

حال ابو هارون ما كان احسن من امه..المسكين كان قلبه كمان منفطر على حال عياله..لكنه قادر يتحكم في اعصابه وفي إنفعالاته ..

اللقاء بين هارون واخوه وابوه..كان حميمي وكله شجن..ما يفرق عن لقائه بأمه وأخواته..مع فارق كمية الدموع إلي نزلت طبعا..

تغدو الكل..في جو غلب عليه السعادة والفرح..لكن ما زال مشاب بالقليل من الحزن..لانهم كانو كلهم مجتمعين ما عدى رحيم الغارق في بحر أحزانه...

...............................................