ليالي تركستان … نجيب الكيلاني

ليالي تركستان …… نجيب الكيلاني

شخصيات الرواية

 
 

-خوجة نياز حاجي.

-الأمير.

-نجمة الليل.

-مصطفى مراد حضرت... (تورسون اسم مستعار له).

-منصور درغا.

- جين شو رين (الحاكم الصيني).

-قائد قومول الصيني.

 
 

شخصيات ثانوية:

-خاتون.

- صن لي

-الجنرال شريف خان.

- شين سي ساي: قائد صيني قام بانقلاب ضد الحاكم الصيني جين شو رين.

- السيد حاجي مدير عام المخابرات المركزية.

- باودين ضابط صيني مستعمر له علاقة بنجمة الليل.

-الجنرال عثمان باتور. قائد الثوار في مرحلة من مراحل الجهاد التركستاني.

 
 

المدينة المقدسة تكتظ بحجاج بيت الله الحرام، وحول الحرم المكي خلق كثيرون من شتى الأجناس والألوان، السود القادمون من إفريقيا، والبيض القادمون من أوربا وأمريكا، والوجوه الصفراء المميزة التي أتت من أقاصي آسيا، والعرب والعجم كلهم يسيرون في مواكب متدفقة يهللون ويكبرون، ويطوفون بالبيت العتيق، أو يهرولون بين الصفا والمروة، أو يصلون في مقام إبراهيم، ويتسابقون لشرب قطرات من ماء زمزم، هنا في هذه البؤرة المقدسة يلتقي الناس إخوة من كل فج وصوب، تباينت لغاتهم واختلفت ألوانهم، لكن شيئا واحدا يجمعهم... الإيمان بالله ورسوله وكتابه...

وبعد أن أديت صلاة الظهر... اتجهت إلى البيت الذي إقيم فيه بمكة المكرمة، وفي طريقي دلفت إلى بعض الأزقة.. هناك تباع المسابح والسجاجيد الصغيرة للصلاة، والطواقي المزخرفة والأدعية الشريفة، وجلست في حانوت صغير، نظرت إلى وجه التاجر الذي يبدو أنه قد تخطى السبعين من عمره، لم يكن عربيا... هذا واصح من ملامحه ولون وجهه، ولكنه خاصة في كلامه، قلت وأنا أمسك بين أناملي بعدد من المسابح الجميلة:

-                 من أي البلاد أنت؟

سدد إلي نظرات يوشيها الحزن والأسى وقال:

-                 من بلاد الله الواسعة...

-                 أعرف... فأي هذه البلاد تقصد؟

-                 من تركستان.

 فكرت قليلاُ ثم قلت:

 - أهي بلاد ملحقة بتركيا؟؟؟

وعلت ابتسامته الساخرة ظلال كآبة وقال:

 - المسلمون لا يعرفون بلادهم، ما هي صناعتك؟

- طبيب من مصر.

 - أفي بلاد الأزهر الشريف ولا تعرف تركستان؟؟؟ حسناً... لا شك أنك تعرف الإمام البخاري والفيلسوف الرئيس ابن سينا والفارابي، والعالم الجهبذ البيروني.

- إنني أعرفهم...

- هم من بلادي...

وشرح لي الرجل واسمه "مصطفى مراد حضرت" ما هي التركستان، وأخبرني أن التركستان تقع في أقصى الشمال، وأنها قد انقسمت بفعل الاستعمار إلى تركستان شرقية وأخرى غربية، وأن الروس قد احتلوا تركستان الغربية وضموها إلى اتحاد الجمهوريات السوفيتي، وأن تركستان الشرقية قد احتلها الصينيون من قديم، وضموها إليهم وسموها سنكيانغ – أي الأرض الجديدة – وأن الشيوعية قد نشرت جناحيها على تركستان شرقها وغربها... وهكذا ضاعت بلاد إسلامية كانت من أعظم بلاد الله حضارة وتاريخا ومجدا... إنها الأندلس الثانية... عيب المسلمين أنهم لا يعرفون تاريخهم، ولا يدرون إلا القليل عن بلادهم...

هكذا كان يقول، ولحيته البيضاء ترتجف...

ثم التفت صوبي قائلا:

- أتريد أن تشرب الشاي؟

- لا مانع.. لكني أريد القصة من أولها...

قال وهو يتناول أقداح الشاي من فتى صغير، لعله حفيده:

-     "القصة تشكل مأساة طويلة.. الحجاج يأتون كل عام إلى مكة، ويؤدون المشاعر، ثم يعودون أدراجهم من حيث أتوا... هل فرض الحج على المسلمين لكي يأتوا ويعودوا؟؟؟

لا أظن ذلك،.. من مبلغ عني كل زائر لهذه الديار المقدسة قصة الشعب المسلم التعس الذي سقط بين قسوة المنجل والمطرقة؟ حسنا.. يمكننا أن نلتقي في المساء.. سأحضر لك بعض الكتب، سأحدثك عن قصتي الطويلة، أنا هنا.. وعيناي معلقتان بالأرض الخضراء بالجبل السماوي" جبل تيان شان"..

بجبال "بامير" الواقعة بين حدود باكستان وتركستان.. بالنساء اللاتي نزعن البراقع من فوق وجوههن.. بالشباب المعذب المخدر الذي يساق إلى معاهد العلم الجديدة هناك ليتعلم الإلحاد.. ويسقى الأكاذيب والترهات، حتى ينسى تاريخه وإسلامه.. بالمآذن والقباب.. بالجموع التي تزحف في أطراف سيبيريا يحرقها الهوان والعذاب واللعنات الظالمة... أنا من تركستان الشرقية... وإليك القصة من بدايتها..."