يوميات اتنين متجوزين

يوميات اتنين متجوزين


 

1

استيقظت من نومى وانا لا أدرى اين انا وأخذت أتفحص المكان بدقة وانا أبحث عن حجرتى القديمة فلا أجدها ووجدت عمر نائم على السرير فانتفضت وكدت اصرخ فى وجهه ثم تذكرت كل شىء وأخذت أضحك فى سرى وانا أتذكر أمى وهى تقول لى ( انتى يا سارة لما بتصحى من النوم ممكن تطلبى البوليس للى قدامك عقبال ما تعرفى انتى فين ؟)

عندها حق لازم اتخلص من العادة دى مش كل يوم ح أصحى الراجل مفزوع كده .. وأفقت لأجد ان جرس التليفون يرن من فترة وخرجت على أطراف أصابعى حتى لا أوقظ عمر ... ووجدتها ماما كما توقعت (الحمد لله انها لم تكن حماتى!!! )

- صباح الخير يا ست العرايس صباحية مباركة .

- صباح النور يا حبيبتى .

- انا ما نمتش خالص قلقانة عليكى .....

- انا الحمد لله كويسة ( اه لو الامهات تبطل القلق ده )

- !!!!..... طيب يا سارة احنا ح نيجى لك بعد الضهر شوية

- تنورى يا ماما ....

طبعا ماما أحبطت من ردى خلاص فعلا حاسة ان لى حياة مستقلة وانى لست فى حاجة انى أقول كل شىء لماما وبعدين عاوزة ماما تتعود على الوضع ده علشان ما يحصلش مشاكل بعد كده

ووضعت السماعة لأجد التليفون يرن مرة أخرى( واضح ان تليفونا هو الوحيد فى مصر!!! ) لأجد مكالمة مشابهة من حماتى وانهم برضه ح ييجوا بعد الضهر ( والدعوة عامة وحتبقى لمة !!! )

استيقظ عمر وهو يبتسم ويقول : ( صباح الفل يا حبيبتى اهو ده الصباح ولا بلاش .. بجد ملكة حتى وانتى صاحية من النوم )

ابتسمت له وقلت أسد نفسه بسرعة فأخبرته ان كل العالم ح ييجى لنا بعد الضهر يعنى بعد ساعة تقريبا

ووجدته يقول : يا ستى يشرفوا بس بجد مفروض ان الأهل يسيبوا العرايس شوية ياخدوا على الوضع الجديد وعلى الحياة الجديدة مش هجوم كده من أولها ماهم لسه سايبنا من كام ساعة ... حيكون حصل لنا ايه يعنى ؟ وبعدين انا ما نمتش طول الليل من شخيرك يا سارة !!!

- شخيرى ؟ وكان ردى ان قذفته بكل مخدات الأنترية ولقنته درسا لا ينساه فى احترام حرمه المصون اللى هى أنا!!!

- يا ساتر يا رب ده انتى شرانية الواحد ما يعرفش يهزر معاكى شوية ؟

- لا يا سيدى ما عندناش رجالة يهزروا ... يالا تعالى نشوف ح نقدم للجماعة ايه ؟؟

ودخلنا المطبخ وأعددنا ما سنقدمه للضيوف واعدنا ترتيب المنزل علشان الناس اللى ح تيجى تتفرج على الفرش الجديد وغيرت ملابسى وارتديت طقم جديد وحذاء بكعب عالى لأول مرة وربنا يستر واعرف امشى فيه ..... وخلاص بقى ح اعيش فى دور المدام ... ووجدت الباب بيرن ووجدت الاسرتين سوا مش عارفة ازاى ؟!!!!

ووجدتنى مفروض على أستقبل حوالى 18 فرد مرة واحدة ليه كده بس ؟ ما علينا المشكلة الأزلية ان الناس اللى بتيجى بتتفرج على كل الشقة حتى المطبخ يعنى مفروض ان اول ما الناس يشربوا حاجة أغسل الكاسات فورا علشان الفرجة تبقى كاملة .....

وهكذا وجدتنى تحولت الى نحلة م********************ة اشيل وأحط وأغسل وأفرج الزباين أقصد الضيوف على الشقة حتة حتة ومش عارفة ليه العروسة بتفتح النيش والدواليب وكل الفرش وكل الأطقم لكل واحد ييجى ؟؟؟؟؟؟؟؟ فعلا حرب مفروض الضيوف ييجوا يقعدوا فى الصالون فترة بسيطة ويلقوا نظرة سريعة على الفرش ويباركوا ويمشوا وخلاص وبلاش التفتيش الذاتى ده ... لكن تقول ايه الواحد كان اتجوز فى الصين أحسن !!!!

ايه الشغلانة دى ؟ ده بيت ابويا ما كانش زحمة كدة ؟؟؟؟ الناس دى ح تمشى امتى انا تعبت وسارة ياعينى ما قعدتش لحظة ولما جيت أشيل معاها الصوانى ماما قالت لى ( يعنى عمرك ما ساعدتنى يا عمر ؟!! ) الحمد لله ان سارة كانت فى المطبخ مش ناقصين نكد !!!!

وأخيرا أخيرا مشيوا وانا اكاد أبكى من التعب لأنى اصلا لسه تعبانة من مجهود الفرح حرام الظلم ده ..... ووجدت ماما تميل على وهى ماشية وتقول لى خلى بالك من نفسك يا سارة وماتتعبيش نفسك ( مش عارفة ازاى ؟)وعلى فكرة خالك وخالتك واولادهم جايين لكم بعد العصر شوية .......... وعمة عمر وجوزها واولادها جايين بالليل !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!حراااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااام


 

2

يااااااااااه دى فعلا حرب ايه كل المهنئين دول انا حاسة انى كنت عانس مثلا ومصر كلها مش مصدقة انى اتجوزت فجايين يتأكدوا بنفسهم أحسن تطلع اشاعة !! ضيوف ضيوف ضيوف ....طول النهار والليل ومفروض أكون طول الوقت مستعدة ولابسة لبس فى منتهى الشياكة وكعب عالى حتى لو لطعونا ساعتين تلاتة مش مهم كعادة المصريين يقولوا لك (حنعدى عليك اخر النهار!!!) الكلمة دى بتثير جنونى يعنى الساعة كام ؟ وطبعا لازم البيت يبقى مفيش فيه ذرة تراب او طبق فى الحوض طوال اليوم علشان حملة التفتيش الذاتية وتكون النتيجة اننا مش عارفين نخرج ولا نتفسح ولا حتى الواحد يقعد على راحته حاجة تفلق !!!



سارة

هو الجواز ح يطلع مقلب ولا ايه يا رجالة؟؟؟؟؟ انا حاسس انى فى الصين الشعبية رجالة وستات والكارثة فى الاطفال اللى مش بيحلى لهم أكل الشيكولاتة ومسح ايديهم الا فى الصالون اللى الواحد دافع فيه دم قلبه .. واللى يفرس أكتر موضوع الهدايا ده كل واحد جت له هدية مش عاجباه ييجى ويديهالنا وطبعا احنا كمان مش محتاجينها وقليل جدا الهدايا النقدية .. ده الواحد بقى على الحديدة من مصاريف الجواز والفرح وقلنا ح تفرج من نقوط الفرح يقوموا يدوها هدايا مالهاش لازمة ؟ ده الواحد كده مش ح يعرف يعمل منظر فى شهر العسل ولا ايه و مش ح اعرف أفسح سارة فى مكان كويس ؟ شكلها كده ح ترسى على شقة خالى فى اسكندرية مع سلفة ابوية لا ترد .... وربنا يستروما تحصلش مشاكل !!!!!!!!



عمر

نقعت رجلى فى ماء وملح من كتر الوقوف وأخذت قرص مسكن وانا أعانى من علامات كساح مبكر... ونزعت فيشة التليفون كى لا يتصل أحد اخر ويتحفنى بالخبر الميمون (انه جاى فى السكة!) وأغمضت عينى وجدت عمر يضع يده على جبينى ويقول لى :

- ( سلامتك يا حبيبتى من التعب ... معلش انا ح اريحك حالا .. يالا قومى رتبى الشنط ح نسافر حالا !!! )

-رددت كالملسوعة : ايه أقوم ؟!!وكمان نسافر حرام عليك انا ح اموت خلااااااااااص انا مش ح اتحرك ابدا من هنا.

- يا حبيبتى مفيش حل تانى انا خلاص ح اتجنن من كتر الدوشة لازم نهرب من هنا ونستمتع بشهر العسل انتى ناسية اننا ح نرجع شغلنا بعد أسبوع ؟

- طيب والفلوس يا عمر ؟

-ولا يهمك يا حبيبتى جوزك اتصرف جيب السبع ما يخلاش (قصدى جيب والده !!)

-طيب والناس اللى عمالة تيجى دى حيتجى ما تلاقيناش ؟

-احسن ... يبقوا يقعدوا مع البواب ... والله ده انا مسافر مخصوص علشان اهرب منهم ونكون انا وانتى بس فى الدنيا .

- طيب مش أستأذن ماما وبابا الأول ؟

- فنظر الى عمر بغضب هائل وقال لى ( قومى دلوقت يا سارة حضرى الشنط حالا حنسافر بعد ساعة ....قبل ما أفقد أعصابى !!!)

- فانتفضت من أمامه لأحضر الشنط فورا وانا لا أعرف ماذا أغضبه الى هذا الحد علشان قلت أستأذن بابا طيب ما انا لسه مش واخده على دور المدام ده .. واضح انى متجوزة أسد وانا مش واخدة بالى !!!!

- وفى السيارة أخدت بالى انى أول مرة أركب مع عمر لوحدنا كان احساس رائع والاجمل انى تركته هو يقود الدفة ويوجهنا الى حيث يشاء .............احساس جميل بالقاء المسئولية على الرجل وانتى تنعمى بالراحة والاطمئنان سبحان الله حتى القوامة للرجل التى تغضب منها النساء ما أجملها من احساس ... وأغمضت عينى ونمت

واستيقظت لأجد نسيم الاسكندرية الرائع وعمر يوقظنى كطفلة صغيرة ويقول لى (قومى بقى يا عروسة ... وصلنا شقة خالى اللى حكيت لك عنها .......)

وصعدنا الشقة ووجدتها صغيرة لكن مشرقة وجميلة وأخذ عمر يفرجنى على جميع الغرف وخرجنا البلكونة لنستمتع بمنظر البحر الرائع ولكنى وجدت فتاة جميلة وجذابة ذات شعر حريرى وقوام ممشوق فى مثل سنى تقريبا فى البلكونة المجاورة لنا تماما صاحت عندما رأت عمر وقالت بدلال كبير:

( حمدالله على السلامة يا عمر مش كنت تقول لى انك جاى ؟ .كده انا زعلانة منك!!!!)

ثم انتبهت أخيرا الى الحشرة الموجودة بجواره اللى هى انا وقالت بتساؤل ممزوج بغضب ( مين دى يا عمر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!! )


 

3

وقفت ارتجف من الغضب والدهشة والحيرة من هذه التى جاءت لتهدم أحلامى فى السعادة وتحادث حبيبى بكل هذا الدلال والذى يحمل فى طياته الكثير من الذكريات المشتركة بينهما ..... من اولها كده ياربى ؟ !

لا اقدر حتى على المواجهة اشعر ان كلامى سيكون صراخا وانا لا أحب ان تسمع الانسة المبجلة الملاصقة لنا انى اتشاجر معه بسببها فهى هكذا ستشعر بانتصار .... نظرت لعمر نظرة نارية تحمل غضب العمر كله وتركته ودخلت لحجرة النوم ووجهى مشتعل من الغضب وأخذت اغرز اظافرى فى الوسادة حتى كادت ان تتمزق من ضغط يدى وانا أغالب الدموع بشدة .. فتبعنى عمر ووضع يده برقة على كتفى وقال لى بكل براءة ( مالك يا سارة فيه حاجة؟!! )

فنظرت اليه نظرة نارية وأزحت يده من على كتفى وصرخت فيه ( وكمان بتسأل مالك ؟ انا اللى عاوزة اعرف مين الهانم دى وازاى تكلمك بالدلع ده كله ؟ وايه اللى كان بينك وبينها او يمكن لحد دلوقت كمان !!)

-رد باستنكار ( لحد دلوقت ؟ حاسبى يا سارة انتى كده بتغلطى! )

- طب يا سيدى ما تزعلش ايه اللى كان بينك وبينها .. يالا احكى لى انا نفسى اشوف فيلم رومانسى من زمان .... واوعى تقولى مفيش حاجة من فضلك انا مش طفلة قدامك!!!

- رد برفق كأنه خائف على ان اموت من فرط ثورتى : طيب ممكن تهدى نفسك علشان نعرف نتفاهم ؟

- رددت وانا ارتجف : مش ح اهدى الا لما تقول لى كان فيه حاجة ولا لأ ؟

- صمت طويلا قبل ان يجيب بصوت لا يسمع : ايوة كان فيه !!!!!!!

- انهرت عندما سمعت هذه الكلمة الكريهة وتمنيت ساعتها لو كان كذب على او انكر او فبرك لى اى حكاية وانا كى ارضى غرورى الانثوى سأبتلعها لكن ان يعترف امامى هكذا ... ولم استطع ان اواصل التفكير أكثر فانهارت دموعى بلا توقف .... وأخذنى عمر بين أحضانه وهو يهدهدنى كطفل صغير يرفض النوم ... وقال لى :

الحمد لله انا عرفت دلوقت حاجتين انك مجنونة وعرفت انك بتحبينى جدا والا ايه لازمة الجنان اللى انتى عاملاه ده ؟

وهممت ان أرد ولكن أغلق فمى بيده وهو يقول : بصى ياسارة لغة الصراخ دى مش ح توصل لحاجة ابدا انا ح أقول لك على كل حاجة بس لما تهدى الاول خلاص ؟

- مسحت دموعى كالاطفال وانا اقول اتفضل احكى بس اياك تكدب !!!

- مسح دموعى برفق وقال لى : يا حبيبتى ما كنت كذبت من الاول وخلصت من الفيلم ده وضحكت عليكى وخلاص ... بصى يا ستى انتى عارفة ان دى شقة خالى من زمان جدا ومن واحنا اطفال واحنا بنيجى نصيف هنا وساعات نقضى بالشهرين هنا وانتى شايفة ان الشقق لازقة فى بعض وطبيعى جدا ح يكون لينا علاقة بالجيران وشيرين يا ستى بنت الدكتور محمود جارنا خريجة ألسن وخريجة مدارس لغات وبنت مثقفة ودماغ و جميلة زى ما انتى شفتى ..

- من فضلك بلاش الغزل ده قدامى انتوا متفقين على ولا ايه ؟

- لا ياحبيبتى ده انتى حبى وعمرى كله والله ... المهم انا ياستى حسيت فى فترة من الفترات انى ميال لها وهى كمان بادلتنى نفس الشعور بس عمرى ما حسيت انه حب مكتمل كل ما كنت اجى اخد خطوة ارجع خطوتين حتى انى لم اصارحها ابدا بحبى لأنى ما تأكدتش ابدا من مشاعرى تجاهها ولم تشعرنى هى ابدا بالاستقرار

- لا ادرى لماذا وقتها بعدت الغيرة الحارقة قليلا وشعرت انى احادث صديقا يقص على مشكلة وليس زوجى وسألته : ليه كانت ايه المشكلة بينكم ؟

- المشكلة كانت جرأتها الشديدة وانها دائما مقتحمة وتكلم اى شاب او رجل بمنتهى البساطة والود ولو ما كنتش عارف اخلاقها وتربيتها واسرتها لشكيت فى اخلاقها .... ولكن تكوينى كرجل شرقى متدين ماقدرتش انى اقبل وضع زى ده وكلمتها عدة مرات ولكن بلا فائدة فثقافتها وطريقة دراستها وتربيتها المميزة تجعلها شديدة الثقة بنفسها حتى لا ترى ان حاجز الحياء فى الفتاة له مبرر ... وهكذا أخذت قرار نهائى بالابتعاد وخاصة انى لم اكلمها فى شىء صريح عن مشاعرى وابتعدت عن هذه الشقة لمدة عامين حتى لا اراها .. ودخلتها فقط فى شهر العسل اللى حبيبتى عاوزة تقلبه غم !!

- هدئت دموعى وانا أشعر بحرارة صدق كلامه لأنه لم يكن مضطر ان يخبرنى كل هذه التفاصيل لو لم يكن صادقا : طيب يعنى حبيتها بجد ؟

- أجاب بسرعة : لا والله بجد كان مجرد انجذاب مش حب والا كنت اتغاضيت عن عيوبها وخطبتها .... انا ما حبتش فى حياتى الا مجنونة واحدة عمالة تعيط زى الاطفال !!

- امال بتكلمك كده ليه زى ماتكون مراتك وقفشتك مع واحدة تانية ؟

- يا بنتى ماهى اسلوبها كده أعملها ايه يعنى ؟ خلاص بقى يا سارة هو احنا نخلص من الضيوف تطلع لنا الست هانم دى ؟ سبحان الله ده انا سمعت عن شهر العسل ده حواديت الف ليلة وليلة ... واضح انك اخدت مقلب يا واد يا عمر يا ريتك كنت اتجوزت شيرين !!!

- شيرين ؟! طيب روح لها بقى يا أخويا خليها تنفعك!!!

وأخذت أدفعه خارج الحجرة وأغلقت الباب على نفسى من الداخل وانا أشعر ان جبل قد أزيح من على صدرى وانى ضخمت الموضوع بغباء قبل ان اعرف الحقيقة ... كم هى قاسية الغيرة وكم أعشق هذا الرجل الاسمر بجنون !!

- افتحى يا سارة الله يهديكى ... يا بنتى افتحى انا تعبت ... طيب علشان خاطرى ... ده الضيوف أهون يا شيخة ... يا مجنونة افتحى ... طيب يا سارة خلاص براحتك انا ح انزل شوية بس خلى بالك الاودة اللى انتى فيها دى كان دايما فيها فار !!!... باى يا حبيبتى بقى !!

- وطبعا فتحت الباب كالملسوعة وانا اصرخ فاااااااااار وأجرى كى ألحق عمر قبل ان يتركنى مع الفاروحدى نقضى شهر العسل سويا !! وخطوت خطوة واحدة .. وجدت نفسى بين ذراعيه وهو يضحك ولم أستطع الهرب ولا الكلام.............وووووووسكتت شهرزاد عن الكلام المباح ...............


 

4

الحمد لله انى لم اتزوج واحدة مجنونة تخنقنى بغيرتها وخناقها وعصبيتها .... فعلا الثقافة والقراءة بتفرق جدا فى عقلية البنت .... لو كانت سارة واحدة دماغها فاضية من بتوع الموضة والاغانى وخلاص كانت قلبت دماغى على حكاية شيرين وقلبت بوزها 6 سنين وكل ما ح نشوف واحدة حلوة ح تبص لى زى المخبرين فى قسم البوليس ما بيصطادوا مجرم وهاتك يا تحقيق .... بجد لو كانت عملت كده ما كنتش ح احكى لها حاجة ابدا بعد كده واريح دماغى وخلاص ... ربنا يهديكى يا سارة وتفضلى عاقلة كده !!!



منظر البحر ساحر والاحلى انى مع حبيبى ولا اخاف ان يرانى أحد بل بالعكس اتمنى ان يعرف جميع الموجودين على الشاطىء انى عروسة فى شهر العسل من فرط سعادتى واحساسى بالراحة .. مر على أجمل اسبوع فى حياتى كله فسح وخروج وسهر وحب فى حب ...مش عاوزة ابعد عن عمر ولا ثانية ....



فعلا لازم يسموه شهر عسل قصدى اسبوع عسل بس يا خسارة ده اخر يوم ونعود الى القاهرة غدا ... نظرت الى عمر فوجدته شارد يفكر ... ياترى بتفكر فى مين يا عمر ؟ فى شيرين ؟ مش معقول كفاية تفاهة بقى يا سارة واياك تفتحى الموضوع ده ابدا ... انا ما صدقت انى كسبت نقطة وخليته يثق فى كصديقة عاقلة قبل ما اكون زوجة غيورة بس بجد كنت ح اموت من الغيرة ... بس يعنى لو صرخت وبوذت وخاصمته ح اخليه ينسى اى واحدة ومايبصش لواحدة غيرى مش ممكن طبعا ده ح يبعد عنى اكتر .... لا ياسى عمر ده انا ح اكون قدامك ووراك وجنبك وفى كل مكان حتى تحت جلدك ... ده انا عاملة لك حتة خطة الليلة دى مش ح تخليك تفتكر لا شيرين ولا سعدية وتحلف ان مفيش فى الدنيا بنت غيرى .... بس استنى على !!!!!



المصاريف خرمت خالص يا واد يا عمر !!! وباين علينا ح نقعد قدام المرسى ابو العباس نكمل الاسبوع ... فطار وغدا وعشاء برة البيت ده غير الفسح !! ماشاء الله على الشحاتة المتوقعة ..الحمد لله ان العربية فيها بنزين ترجعنا مصر بكرة ان شاء الله وراجع جرى على بيت السيد الوالد طبعا علشان منحة ابوية تانية حاجة تكسف بجد .... بس الحقيقة كان اسبوع يجنن كان نفسى يبقى شهر دول العزاب دول غلابة ياعم!!! قال ويقول لك محلاها عيشة الحرية !!! ده قصر ديل يا باشا !!



- ايه يا سى عمر انا ح اموت من الجوع وانت اخر طناش ايه خير ؟ انت ح تصوم الستة البيض من النهاردة ؟

- يا ساتر يارب مش انا لسه يا بنتى مفطرك من 8 ساعات !!! ده انتى ح تاكلينا لما نروح !!

- ياباى على الغلاسة .. يابنى ح اموت من الجوع والناس اللى جنبنا دول ما بطلوش اكل من ساعة ما وصلوا وحتى الست صعبت عليها لما لقيتنا مدينها ترمس ولب من ساعة ماجينا قامت عزمت على بطبق محشى وانت بتصلى العصر ... بس انا عملت فيها العروسة الشيك وقلت لها ميرسى يا طنط ... يا خسارة المحشى !!!

- محشى ؟!! ياريتك جبت لنا طبقين ... دى الفلوس اللى معانا يادوب تأكلنا كشرى واحتمال مفيش عشاء كمان ... لازم يخلوا العرايس يطبخوا فى شهر العسل علشان العرسان ما تشحتش يا حبيبتى .

- طيب ح نموت من الجوع ولا ايه النظام ؟ فهمنى علشان اروح الحق طنط بتاعة المحشى بسرعة دول دخلوا فى المسقعة !!!

- لا يا ستى اخر وجبة ح ناكلها هنا وأمرى الى الله ح نروح ناكل فى مطعم قريب من البيت وبعدين بالليل فيه ناس قرايبنا هنا ابنهم عمل حادثة وح اضطر اروح أشوفه شوية ... تحبى تيجى معايا ولا بتخافى من المستشفيات ؟



- لا باخاف روح انت ... وبعدين عاوزة أحضر الشنط وانام بدرى النهاردة معلش يا عمر لو جيت ولقيتنى نايمة ما تصحنيش علشان خاطرى ...



- ياسلام ؟ لا والله ؟ كده يا سارة ... وتسيبينى أسهر لوحدى ؟

- معلش يا عمر بجد تعبانة وعاوزة انام بدرى الظاهر ح اخد دور برد ... ما تزعلش علشان خاطرى ...

- لا يا حبيبتى خلاص ... انا عاوزك ترتاحى ... بس افتكريها !!!



-

اخيرا عمر مشى وراح المشوار بتاعه قدامى حوالى 3 ساعات علشان أرتب أجمل ليلة ح يعيشها فى عمره ... رتبت الشنط بسرعة جدا وكلمت حلوانى مشهور فى اسكندرية لأؤكد حجز تورتة حجزتها من امس على شكل قلب احمر ومكتوب عليها اسمينا انا وعمر وعليها كلمة ( الى حبيبى ....أحبك !)



ثم أخرجت صندوق المفاجات الذى كنت محضراه من القاهرة والذى رفضت ان يطلع عليه احد حتى امى ... وأخرجت منه مجموعة من الشموع الحمراء والوردية ووزعتها فى جميع انحاء المنزل ... لن أوقدها الا عندما يأتى حبيبى ...

ومجموعة من الورود المجففة جميلة الشكل نثرتها على الارضية بشكل أسهم تشير الى غرفة نومنا ... وثم مجموعة من البطاقات الوردية والملونة التى كتبت عليها عبارات غرامية اليه ووزعتها فى كل المنزل بشكل مرتب ومتسلسل ...



ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع ... ثم ملأت البانيو بماء ساخن ورغاوى صابون منعشة لعمر عندما يأتى ونثرت فوق المياة مجموعة من القلوب الحمراء الطافية .. وكتبت على مراية الحمام بالروج بخط صغير ( كان أجمل اسبوع عسل فى العالم يا حبيبى ...)

ثم دخلت الى حجرة النوم ورتبتها ورشيت معطر جو لم استخدمه من قبل ولم انسى الشموع طبعا ... ثم ارتديت طقم جديد ساحر كنت أخفيه ... ورشيت عطررائع وجلست أضع الماكياج بدقة شديدة وكأنى سأتزوج مرة أخرى هذه الليلة ....هكذا سينسى اى امراة اخرى سواى وليس بالنكد ... يارب ارضى عنا ..

عمر يركن سيارته تحت المنزل الحمد لله اننا فى الدور الخامس امامى وقت لبقية الخطة ... وضعت التورتة فى الصالة وحولها الشموع ليراها اول ما يدخل .... ورتبت البطاقات وأغلقت انوار الشقة كلها وتركت باب الشقة مفتوح قليلا ودخلت أختبىء فى غرفتى ...



ايه يا سارة ده انتى نمتى وسبتى الباب مفتوح ؟ ربنا يستر ... ايه ا لنور مقطوع ولا ايه ؟ سارة انتى فين ؟ ايه ده ايه ده انا مش مصدق عينى ... مش ممكن ... الله الله لا يمكن انا اكيد فى حلم ... سارة انتى فين ؟ ايه التورتة الرهيبة دى ؟ يااااااااااااااه ده انا حاسس انى ملك .... ساااااااااارة ...

وايه الكروت اللى على الارض دى ؟

اول واحد مكتوب فيه( ... لو كنت بتدور على اتبع الاسهم !!) ااه ده فيه اسهم بالورود على الارض كمان ايه الرقة دى ؟ ... واللى بعده مكتوب عليه ( حد يمشى ورا الاسهم برضه ؟ امشى ورا قلبك يا حبيبى وانت تلاقينى ..!! )

ودخلت الحمام وجدته مجهز لملك او امير بجد بحبك يا سارة ... انتى فين يا حبيبتى ... اكيد هنا فى اودتنا وكمان كارت على باب الحجرة مكتوب عليه ( انا باعشق احلى رجل فى الدنيا ... هو انت ) ...

وفتحت الحجرة لأجد سارة تنتظرنى فى أجمل صورة ممكن ان اتخيلها .. أميرة نائمة وسط الشموع والورود ... هل ممكن ان ترضى زوجة رجلها وتسعده بهذا الشكل الا زوجتى الرائعة .... وسكت شهريار هذه المرة عن الكلام المباح !!!!!!!!!!!!!!!!


 

5

-(انا بس عاوز أعرف اشتريتى كل الحاجات دى امتى ولحقتى ترتبى كل ده ازاى ؟) قالها لى عمر ونحن فى السيارة عائدين الى القاهرة .. قالها وهو يشعر بالفخر الرجولى ان زوجته اعدت له ليلة من الف ليلة من اجله هو فقط ...



-رديت عليه بدلال وانا أغالب النوم بشدة : ( ده سر المهنة يا سيدى ... المهم تكون سعيد وراضى عنى !)



-(ربنا يخليكى لى يا حبيبتى .. ويارب تفضلى كده على طول .. وانا كمان محضر لك مفاجأة ... ماما اتصلت وقالت انها عازمانا على الغداء دلوقتى حالا اول ما نوصل !!!)

ياااااااااااسلااام على المفاجأت الحلوة !! ايه الهنا ده بداية تفرح بصحيح !! ده وقته ياربى ؟ الواحد يستعد لوصلة حرق دم محترمة !!.... رددت هذا فى سرى بالطبع ويبدو ان علامات خيبة الأمل كانت ظاهرة على وجهى فسألنى عمر : ( مالك يا سارة ؟ انتى مش مبسوطة ولا ايه من المفاجأة ؟)

- رددت بسرعة : (لأ ازاى ده انا ح اطير من الفرحة دى طنط وحشتنى جدا .. بس كنت قولى علشان البس طقم حلو اروح بيه !!!)

- انتى كده قمر وبعدين ماما مش بتهتم بالحاجات دى خالص !!



واخيرا وصلنا لبيت حماتى العامر وبعد الترحيب الرهيب بعمر كأنه راجع من الحجاز حالا على جمل ...ثم بعد ساعة سلمت على بفتور : ( اهلا ياسارة .. أخبارك ايه . .. وشك نور على الجهاز أوى ...!! ) ثم رمقتنى بنظرة متفحصة من فوق لتحت وقالت بامتعاض انتى مش جايبة هدوم حلوة فى الجهاز ولا ايه يا سارة ؟!)

- ذبت من الخجل من قذيفتها القوية وقلت فى سرى ( مش بتاخد بالها خالص خالص!! الله يسامحك يا عمر !! )

وهممت ان أرد ولكن أنقذنى عمر بسرعة ورد عليها : ( دى سارة عندها هدوم تجنن ياماما .. بس احنا جايين من السفر عليكى على طول وكنت عاملها مفاجأة ليها !!)



لم يعجبها بالطبع دفاع عمر عنى فردت بفتور طيب يا سيدى السفرة جاهزة .. اوعى تكون نسيت أكل أمك خلاص !!)



وجلسنا نأكل وهى منهمكة فى الحديث مع عمر بشوق شديد وتحكى له كل ماحدث فى الأسبوع اليتيم الذى قضيناه بعيدا عنها وكأنه كان عاما كامل ...وكل فترة طويلة تتذكر ان فيه شىء معاهم على السفرة فتلقى لى كلمة او كلمتين ثم تواصل حديثها الدافىء مع حبيبها الاوحد ابنها الوحيد الحبيب...



دعوت الله فى سرى ان تنتهى هذه العزومة سريعا كى أصل شقتى وأفرغ حقائبى وأناااااااااااااااااام لأنى تقريبا لم أنم أمس مع السفر وارهاقه ... وبينما انا فى أفكارى رن موبيلى ووجدتها أمى وطرت الى البلكونة لأرد عليها



- الو يا ست العرايس نموسيتك كحلى ... انا مش عاوزة أكلمك من الصبح علشان ما أقلقكوش يا حبيبتى ... يا ترى ح ترجعوا امتى ؟

- رددت ببراءة : لا ما احنا وصلنا من ساعتين يا ماما ما تقلقيش ...

- طيب يا حبيبتى أسيبك ترتبى شنطك وترتاحى شوية وأكلمك بعدين ....

- لا يا ماما انا مش فى شقتى ... انا عند حماتى !!!

- حماتك ؟ يا سلام جاية جرى من اسكندرية عليها !!!ولا حتى هان عليكى تعدى على امك ولو خمس دقايق ؟! متشكرة يا سارة ... ربنا يخليهالك ماهو خلاص الجواز بينسى الأهل ... الف شكر يا بنتى مع السلامة

- استنى بس يا ماما ... يا ماما ... يا ماما ياربى أعمل ايه فى الحدوتة دى ..هو عمر السبب فى المشكلة دى كان لازم يقول لى من امبارح أقوم امهد لماما علشان ما تزعلش منى كده ...



فاجأنى عمر من خلفى وهو يهمس لى ( ايه شهرزاد قاعدة لوحدها ليه ؟ ... وحشتينى !!)

- رددت بعنف : (بلا شهرزاد بلا نيلة !! انت عملت لى مشكلة كبيرة مع ماما يا سيدى )

- ( مشكلة !!! ليه يا بنتى هو انا شفتها اصلا ؟)

- (زعلت يا سيدى لما قلت لها اننا هنا وافتكرتنى نسيتها وبافضل اجى بيتكم هنا قبل ما اروح اسلم عليها ... كان مفروض تقول لى من امبارح يا عمر أقوم اعرف اتصرف !!)

- (يا سارة ما انا قلت لك انى انا نفسى اتفاجأت وماما كلمتنى الصبح قبل ما نسافر مباشرة ... وبعدين يا ستى ولا تزعلى نروح لها دلوقتى ونصالحها حالا ... هو انا عندى كام ام سارة ؟)

- رميت نفسى فى حضنه وانا اهتف ( ربنا يخليك لى يا حبيبى )

وطبعا دخلت حماتى علينا وهتفت با ستنكار ( خلاص مش قادرين على فراق بعض ؟!! طيب الظاهر ان انا اللى عزول واطلع منها )



فضممت امى الى صدرى هى الاخرى وانا اقول لها ( ده انتى الخير والبركة يا حبيبتى ) وانا اهمس فى سرى يا ربى على صغر عقل الستات والغيرة اللى تنقط ... لأ والهنا ان امى كمان بتغير زى ما تكون مراتى التانية ... وحماتى غيرانة علشان رحنا لماما وهى لأ ... ما شاء الله عليك يا واد يا عمر كلها كام شهر جواز وتحجز جناح فى السراية الصفرا عدل ....



طيب يا طنط معلش احنا مضطرين نمشى علشان لسه ح نعدى على ماما نسلم عليها ) قلتها ببساطة وندمت عليها من رد فعلا حماتى الغاضب تمشوا هو انا لحقت أقعد معاكم ... هو انتو جايين تقضية واجب وخلاص ؟ الظاهر ان انا فارضة نفسى عليكم ... طيب يالا ماتعطلوش نفسكم !! )

نظر لى عمر بغضب وكأنه يقول لى فتحتى بقك انتى ليه ؟ وأخذ يهدأ من أمه ويبرر لها انه لابد ان ينام بدرى لأن بكرة وراه أشياء كثيرة الخ الخ الخ

وأخيييييييييرا جدا انتهت الزيارة واستعدينا للمعركة الثانية فى بيت ماما...



وفى السيارة قال لى عمر بهدوء : ( بصى يا سارة ما تزعليش من ماما وانا كمان مش ح ازعل من والدتك لو عملت حاجة ... كل واحدة فيهم فجأة فلذة كبدها اتخطف منها من انسان غريب فلازم فترة يعاملوا فيها الغريب ده بحذر ويمكن غلاسة لحد ما يبدأوا يحبوه فعلا ويتأقلموا على الوضع الجديد ولازم نكون احنا الشباب أعقل وصدرنا اوسع ... بس اوعى تعرضى نفسك لماما يعنى اى حاجة خلينى انا أقولها وكأنها فكرتى انا علشان تتقبلها ونفس الشىء مع والدتك علشان نقلل الخساير بقدر المستطاع .. ماشى يا قمر ؟ )

- ( خلاص يا حبيبى اتفقنا ) وفى سرى قلت ده الجواز ده عاوز نفس طويييييييييييييييييل ودماغ كبيرة جدا ربنا يستر !!!

__________________

6

انا ذنبى ايه فى الحرب دى ياربى كان مالى انا ومال الجواز وشغل الحموات ده !! ياربى ساعتين من لوى البوز من حماتى المصونة وتبريرات طويلة عريضة من سارة ومنى حتى مليت فى الاخر أمال لو كنا قتلنا قتيل كانت ماما وحماتى عملوا فينا ايه ؟ بجد كنت مفروس من حماتى وسارة عمالة تراضيها وتصالحها وكنت ح اعمل مشكلة بس قلت ياواد مش من اولها كده اعقل ربنا يهديك ... يارب الواحد يفضل محتفظ بأعصابه على طول وما يعملش مصايب ...

فكرت فى كل هذا وانا أقود السيارة الى منزلنا انا وسارة وانا أقاوم النوم باستماتة بعد الحرب العالمية التاسعة اللى كنا فيها ... والتفت الى سارة وجدتها قد نامت بالفعل من شدة الارهاق الجسدى والعصبى ... وصلنا البيت ولم أشأ ان اوقظ سارة الا لما أفرغ الحقائب من السيارة اولا ... وأوصلتها الى الاسانسير ثم أيقظت سارة بهدوء وكعادتها اتنفضت وصرخت( انت مين ؟ وانت خاطفنى ولا ايه ؟ يااااعوماااااااااار ) وقبل ان تكمل استغاثتها الدولية برجال المطافى وتفرج علينا الشارع ويفتكرونى خاطفها حطيت ايدى على فمها وانتظرت ان تتعرف على والحمد لله أخيرا فاقت وعرفتنى وسألتنى سؤال أغرب من الخيال(ايه ده عمر؟ ايه اللى جابنا فى الحتة المقطوعة دى ؟ )!!!!

--

-انا ح اموت من التعب لو رسموا لى مخدة على الحيطة ح انام فورا !!! عاوزة انام حالا علشان بكرة الجمعة وبعده السبت حنرجع على شغلنا انا وانت يعنى بكرة يوم كله شغل وتجهيز أكل للأسبوع كله وتوضيب الشقة وأكيد ح نتعب بكرة أوى ...

- ح نتعب ؟ ايه الكلمة الغريبة دى ؟ وانا مالى أنا ؟

- مالك ازاى ؟ مش احنا اتفقنا نتشارك فى كل حاجة ؟

- ياسلام اتفقنا أخرط لك البصل وأمسح الأرض ايه يا بنتى الأوهام دى ؟

-أوهام ياسلام هو لما تساعدنى تبقى عايش فى الوهم ؟ امال أنا حبيبتك ازاى ؟

- يا ستى حبيبتى وروحى كمان لكن اللى انتى بتقوليه ده انا ما أقدرش عليه أبدا ولا يمكن ح يحصل وده اخر كلام عندى فى الموضوع ده..

- كده يا عمر ؟

- ايوة كده وياريت ننام بقى قبل ما نتخانق ...

-هو احنا لسه نا اتخانقناش؟ ... طيب تصبح على خير

- ......

ياااااااااسلام على رواقة الرجالة بعد الغداء أخبرنى انه نازل يقابل أصحابه وبعدين ح يعدى على والدته وحيتأخر ولما أخبرته انى ح اعمل أكل الاسبوع نظر لى باستغراب وقال لى طيب مع السلاااااااامة !!! بجد انا زعلانة منه طيب يا عمر لما ترجع !!!

لازم سارة تتعود ان كلامى يتنفذ ولما اقول مش ح اساعد يبقى خلاص ... لازم تتعود على كده ويبقى هو ده نظام الحياة بيننا ح تزعل شوية فى الأول وبعدين خلاص ح تتعود .... مع انى مش هاين على زعلها ... طيب أكلمها على الموبيل بعد شوية ... لا اجمد بقى يا عمر لو اتعودت انك تساعدها فى كل حاجة حيبقى حق مكتسب ولو ما عملتوش حنروح النيابة !!!لا وعلى ايه تزعل شوية وخلاص ...

طيب انا مفروض أعمل ايه دلوقتى بالظبط ؟ أنا الاول أرتب الشقة لأن التراب من قفلتها أسبوع يترسم عليه خرايط ولسه ح افضى الشنط وأغسل الهدوم اللى كانت معانا فى اسكندرية وبعدين أطبخ كذا صنف أشيلهم فى الفريزر علشان يكفوا الاسبوع كله ...

يارب يخليكى لينا يا ماما كنتى شايلة الهم ده كله عنى وانا كنت اتنح قدام التليفزيون ولا أرغى فى التليفون وخلاص ... والاهم ان معلوماتى عن الطبيخ محتاجة مترجم يفك رموزها الهيروغليفية ربنا يستر!!

طيب انا أحط اللحمة تتسلق الاول علشان بتاخد وقت وبعدين أشغل الغسالة ... بس لازم البس جوانتى علشان ريحة البصل علشان عمر لما ييجى ولا ليه خليه يشم البصل مش هو اللى سابنى فى الحرب دى يستحمل بقى !!!...

هى اللحمة شكلها غريب كده ليه ؟ ... طيب مش مهم أعمل ايه تانى؟ مسقعة ؟ ياسلام ده انا باموت فيها بس عمرى ما شفت ماما بتعملها ازاى؟ هى فيها باذنجان وحاجات تانية غريبة !!!..............يامااااااااما الحقينى وجريت كلمتها على التليفون وقعدت تهزأ فى الاول انها ياما قالت لى اتعلم ومفيش فايدة الخ الخ الخ المهم انها قالت لى الطريقة مع استخدام الفاظ غريبة ( تعملى اللحمة ع الصاج الاول !!! ) اجيب منين صاج دلوقتى ياماما ؟ وطبعا يصحب هذا وابل من التريقة والدعاء لعمر بالصبر على ما ابتلاه !!!

وطالت المكالمة ساعتين وماما تشرح لى كأن كلامها كله طبيعى ومفهوم وانا من كتر التريقة اللى خدتها لم أسأل على أشياء كثيرة وقلت أعتمد على خيالى الخاص !!!!

وتوكلت على الله وبدأت المعركة الحقيقية أضرب الطماطم لا أسلق المكرونة الاول ..............

طيب أقطع البطاطس شرايح ولا قطع انا باقول مثلثات وخلاص !!! ايه حدوتة الملوخية دى لازم أقعد أخرطها ساعتين لا حأهريها فى الكبة وخلاص بس مش عارفة تكورت كورة صلبة فى قاع الحلة كده ليه ؟

صينية البطاطس وضعتها فى الفرن مباشرة بس حاسة انى نسيت حاجة فيها هى ليه ما لسه صلبة رغم ان بقى لها ساعة ونصف فى الفرن والقاع اتحرق ومع ذلك لسه ناشفة .....ياربى ايه الوقعة دى كان مالى انا مانا كنت اميرة زمانى واخر رواقة ... خلاص اللى اتعمل اتعمل طيب لو عمر اتكلم ؟؟؟؟؟؟؟...

ييييييييييييييييه انا نسيت الغسيل طلعت البلكونة أنشره وقعدت أفتكر ايه بيتنشر الاول وايه اللى ورا ؟ طيب ايه من رجله وايه من قفاه ؟ ايه الفيلم ده دول الستات دول ناس رايقة ما كله ح ينشف وخلاص ولاحظت وجود سيدة أروبة فى البلكونة تراقبنى كى ترى العروس الميمونى اللى هى انا ح تنشر ازاى ؟ ولا همنى من نظراتها وعملت كرنفال من الهدوم ابيض على احمر على اخضر واديله المهم ينشفوا وخلاص !!!

ورجعت للكارثة الموجودة فى المطبخ وتذوقت ما طبخته وصرخت ياللهول على رأى يوسف وهبى!!! طيب والحل وفتحت الفريزر لأجد ماما حبيبتى وكأنها عرفة المصيبة اللى ح أعملها واضعة كمية كبيرة من أكياس الهامبورجر والدجاج النصف مقلى والطبخات السريعة الحمد لله كنت ح أطلق وانا لسه فى شهر العسل !!



يااااخبر ده عمر بيرن على الموبيل اذن هو فى الطريق وطبعا ملابسى لا توصف من القنابل اللى كنت باعملها فى المطبخ كرنفال من البصل والثوم والزيت ...لميت الكوارث اللى عملتها ووضعتها فى الثلاجة وجريت على الحمام وأزلت اثار العدوان وغيرت ملابسى... أمال هم بييجوا فى التليفزيون بيطبخوا وكأنهم رايحين سهرة ليه ؟



ودخل عمر وبسرعة أظهرت البوز المتين على غلاسته معايا قبل ما ينزل وانتظرت ان يأتى يصالحنى كالمعتاد ولا فائدة .... ثم لاحظت انه متعب ويتنفس بصعوبة فجريت عليه انا وقلت له ( مالك يا حبيبى ... انت تعبان ؟) وأخذت أمسح له عرقه وأسقيه الماء وأنا أكاد أبكى ( وأقول له انشاالله انا وانت لا يا حبيبى ) وانا ممسكة يده الضعيفة وفجأة ... اشتدت قبضته على وجذبنى له وضحك بقوة وقال ( لما انتى بتموتى فى كده ما تكشريش ابدا فى وشى اتفقنا ؟)

__________________

7-

استيقظت منتفضة على رنين المنبه المزعج واعلانه الساعة السادسة والنصف صباحا وشعرت بألم فى كل جسدى فأنا لم أنم سوى ساعتين بعد صلاة الفجر التى صليناها انا وعمر ...

واليوم هو أول يوم نعود فيه للعمل وطبعا عمر ولا على باله فعمله قريب من منزلنا الجديد تقريبا ربع ساعة بالسيارة اما انا فيبعد حوالى ساعة وربع فى أفضل الظروف ولم أكن أشعر بهذا قبلا بل كان قريب من منزل ابى وأمى أما الان فلازم ألف الكرة الارضية علشان أوصل عملى ...

والأسوأ أن عمر لن يستطيع توصيلى لأن جهة عملى وجهة عمله مختلفتان تماما فلو وصلنى اولا... سيصل هوعمله بعد اذان الظهر وسيرفدوه باذن الله ونشحت على باب السيدة بعد أسبوع على الاكثر !!! اذن لا مفر من حرب المواصلات الرهيبة أن أخوضها وحدى ولا أستطيع حتى الشكوى لأن عمر من البداية غير موافق على عملى ولكنى أصريت فلا أستطيع حتى التنفس بكلمة واحدة ...

الحمد لله انا لا أفطر يعنى ح ألبس بسررررعة جدا وأجرى لألحق بالميكروباص الشيك جدا لعلى أصل فى موعدى فى اول يوم مش ضرورى كرامتى تتبعتر من المدير وانا عروسة كده !!!

ارتديت ملابسى على عجل وأخرت ايقاظ عمر الى اخر لحظة كى ينام قليلا ... وبعد اتمام ملابسى وارتدائى الطرحة والشنطة كمان اقتربت منه وقبلته فى جبينه وهمست له ( صباح الخير يا حبيبى ... اصحى بقى كفاية كسل !!)

- صباح الفل يا حبيبتى ... ايه ده انتى لبستى بسرعة كده ؟ كان نفسى أوصلك بس بعون الله لما نلف القاهرة كل يوم حنترفد انا وانتى جماعة !!

- ولا يهمك يا حبيبى انا قدها وقدود ... على فكرة حتوحشنى لحد ما أرجع .. يالا مع السلامة أحسن كده اتأخرت !!

- وانتى أكتر يا حبيبتى بس امتى لحقتى تحضرى الفطار؟ انتى صحيتى امتى على كده ؟

- فطار ؟!!! ايه الكلمة الغريبة دى ؟ ما انت عارف انى مش بافطر يا حبيبى ؟!! وبعدين مفيش وقت خالص !!

- فرد بعناد : بس أنا بقى بافطر وخصوصا قبل ما اروح الشغل لازم أفطر فطار متين علشان مش باكل برة وبأفضل عليه لحد ماأرجع.... والدتى كانت معودانى على كده !!

- رديت فى سرى وانا أنظر للساعة ( الله يسامحك يا حماتى اى حاجة حلوة تبقى من ناحيتك على طول !!) طيب والفطار المتين ده يبقى ايه يا سيدى؟

- عادى زى كل الناس بيض مسلوق أو عجة وطبق فول بالزبدة ولانشون وجبنة وزيتون وزبادى وطبق خضار كبير خيار وطماطم وخس متقطعين شرايح رفيعة خالص وطبعا كوباية حليب وبعدها شاى وخلاص !!!

- يا خبر أبيض ده لو كل الناس بتفطر كده ممكن تحصل مجاعة فى البلد .. وبعدين اللى انت بتقوله ده عاوزله ساعة على الأقل وانا متأخرة يا عمر !!



- رد بعناد أكبر : ما أنا قلت الشغل مش ح ييجى منه غير وجع القلب .. يعنى انتى عاوزانى أنزل من غير فطار يا سارة !!

- (لا ازاى أترفد انا فى داهية ...علشان تفطر الفطار المتين يا سيدى !!!) قلتها فى سرى طبعا وأنا أكاد أبكى وانا متجهة الى المطبخ لأعداد وليمة الفطار لسى السيد !!

توجهت الى المطبخ وأنا أجرى مثل البهلوان أضع البيض على النار وأقطع الخيار وأخرج الجبنة من الثلاجة وأسخن الفول وووووووووو ... مش ممكن كل ده حياكله ابدا !!!

ده انا طول عمرى بأتريق على المسلسلات التى تجعل جميع الأسرة صباحا يجتمعون على مائدة الافطار وعليها عشرة أصناف على الأقل وكان يستفزنى جدا طبق البيض المسلوق الموضوع به 40 بيضة والشاى لابد ان يكون مقدم فى طقم كامل البراد والسكرية وخلافه يعنى لازم الزوجة علشان تعمل الهيصة دى كلها تبتدى تحضر الفطار من اذان الفجر تقريبا او ما تنامش أسهل وخلاص علشان الباشا يفطر الفطار المتين !!!!

أخيييييرا انتهيت ووضعت الاطباق على السفرة وكان الباشا بيقرأ الجريدة بمنتهى الرواقة وصببت الشاى فصرخ وانا أصبه (لا يا سارة انا قلت لك الحليب الاول وبعدين الشاى !!!)

فنظرت الى ساعة يدى وجدتها الثامنة الا ثلث فكدت أبكى فلم أرد ان ابدأ اليوم بخناقة فرديت عليه من تحت أسنانى ( معلش يا عمر فيه شاى تانى كتير ... انا نازلة بقى أصلى اتأخرت جدا جدا )

- طيب يا حبيبتى افطرى الاول !!!

- حبيبتك ؟!!! طيب باااااااااااى

ونزلت من العمارة وانا أجرى تقريبا وأكيد البواب قال

دى العروسة الجديدة الظاهر واخدة علقة على الصبح وهربت من العريس !!!

مشيت مسافة طويلة حتى موقف الميكروباص لأن الميزانية لا تسمح بتاكسى بالطبع !! وانتظرت طويلا حتى وجدت مكان فاضى وركبت وسرحت فى الطريق وانا افكر ان هذه هى البداية الجادة للزواج لابد فيها من تعب وارهاق ومسئولية كبيرة ........الله يكون فى عونك يا ماما طول عمرها بتشتغل وعمرها ما أشعرتنا بأى تقصير ...

انا كان مالى ومال الحدوتة دى ما كنت مريحة دماغى ولا فطار متين لا مواصلات ولا بهدلة !! بس ايه البديل ؟ الوحدة ؟ الصمت ؟ الفراغ والاكتئاب ؟ العنوسة بكلمة أشمل ؟ لا طبعا مهما بذلنا من جهد فى دائرة الزواج أفضل بكثير جدا من الراحة خارجه ... ربنا يخليك لى يا عمر وتفطر كل يوم !!!بس ربنا يستر من المدير وغلاسته !!!

أهلاااااااااااا يا سى عمر .... ايه يا عم جاى فى ميعادك تمام ... الف مبروك يا عريس ايوة كده وشك نور على الجواز !!! يالا يا سى عمر احكى لنا كل حاجة بالتفصيل !! ولا أقول لك بلاش انت ايه رأيك الجواز حلو ولا زى ما بنسمع من الرجالة ؟

يا سيدى الله يبارك فيك والله الجواز ده أكبر نعمة للرجل واللى يقول غير كده يبقى جاحد للنعمة بصراحة !!

ياعم ياعم طيب يا سيدى ربنا يسعدك لما نشوف رأيك ايه بعد سنتين !!

- الف مبروك يا عروسة ناموسيتك كحلى متأخر ساعة بحالها طبعا يا ستى مين قدك ده انتى حتى شكلك ما نمتيش كويس.. طبعا يا ست العرايس ربنا يسعدك ...

يالا بقى احكى لنا كل حاجة بالتفصيل الممل .... الا صحيح يا سارة العريس لازم يحضر الفطار لعروسته بنفسه ؟

- ايوة طبعا لازم يحضر لها فطار متين كل يوم !!!!!!

وطبعا استدعانى المدير وأخذت كم لا بأس به من الكلام البارد على تأخيرى وتلميح على ان لو كان الجواز حيغيرنى يبقى أقعد فى بيتنا أسهل أقشر بصل !!!

يا حبيبتى يا سارة وحشتينى الكام ساعة دول ... لما أبعت لها رسالة علشان تعرف انى بافكر فيها ( يا ترى يا قمر بتفكر فى زى ما بافكر فيك ؟؟)

فردت على الفور ( انا كمان بافكر فيك يا حبيبى وقلقانة عليك من طن الأكل المتين اللى أكلته الصبح ... ربنا يستر وما تا كلنيش وانا نايمة !!!)

وأخيرا انتهى اليوم الساعة الثالثة وعمر ينتهى من عمله فى الخامسة ياااااااارب ألحق أوصل بسرعة وأحضر الغداء .... ورجعت فى نفس رحلة العذاب الصباحية فى المواصلات ولكن مع الحر والرطوبة ما شاء الله ما أقدرش أوصف شعورى ...

وصلت بيتى الساعة 4 وتلت تقريبا يعنى ساعة وعمر جاى وانا أكاد أقع من التعب وقلة النوم طيب ياربى ح الحق اخد حمام من الحر الفظيع ده ولا أجهز الغداء ولا أرتب البيت فسيادته لم يرفع حتى أطباق معركة الفطار الصباحية ... لم أعرف ماذا أفعل فوقفت فى منتصف الصالة وصرخت ( تعاااااالى لى يااااااااااامامااااااااااااا)!!!!!!!

__________________


 

8

أخذت أجرى فى الشقة كالهاربة من حكم قضائى وانا أحاول جاهدة ان انهى تنظيف الشقة وتجهيز الغداء وتغيير ملا بسى ومفروض كمان اتزين وأقابله بابتسامة كبيرة ... طيب بجد ازاى وامتى ؟ ازاى تجتمع رواقة شهرزاد مع واحدة بتشتغل 8 ساعات ويتحرق دمها بمعدل كل ربع ساعة وبترجع بيتها محشورة فى المواصلات زى قفص الطماطم ؟ طيب هو كمان ذنبه ايه يرجع يلاقينى مكشرة وتعبانة ومتوترة ؟ ماهى أكيد ح تقلب بخناقة .... طيب اعمل ايه ياربى ؟

خلاص يبقى الاهم فالمهم ....انا أهم حاجة أعملها دلوقتى انى أغير هدومى العجيبة دى والبس طقم جميل بسرعة وأضع ماكياج خفيف واى حاجة تانية تتأجل !!! كانت دايما والدتى تقولى ان الرجل لا يحب ان يضيع الاوقات الجميلة !!! يعنى لو دخل البيت ولاقاكى عاملة وليمة طعام رهيبة موت ...بس شعرك مضروب فى الخلاط وريحتك بصل وهدومك مبقعة ومش طايقة حد يكلمك غالبا حيتصل بالبوليس او يطفش من سكات !!! لكن لو جه ولاقاكى زى القمر ومشتاقة ليه والاكل يا حبيبى النهاردة فول وبيض حيبقى على قلبه زى العسل !!!

خلاص ح أجرب واشوف وبالفعل هديت نفسى تماما ووضعت الاكل فى الفرن كى يسخن وعملت الارزسريعا وشربت كوب شاى بمنتهى الرواقة ولاااااااكأن فى حااااجة خااااالص ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع وارتديت طقم رائع ووضعت ماكياج وتعطرت وبدأت فى ترتيب المنزل و بعد 5 دقائق جاء عمر وكنت لا ازال أزيل اثار الفطار المتين !!! ولم افعل شىء اخر !!

ودخل عمر فجريت عليه واحتضنته وقلت له وحشتنى يا حبيبى !!!

- فرد على وقد سر من استقبالى الدافىء: وانتى كمان يا حبيبتى .... ايه الجمال ده معقول انتى راجعة من الشغل من شوية ؟ اوعى تكون زوغت يا جميل !!

- لا ما زوغتش بس انا زعلانة منك ما تكلمنيش لو سمحت !!!

- ليه بس عملت ايه ؟

- كده تبعت لى رسالة واحدة وما تكلمنيش غير مرتين بس ؟؟؟؟ لا يا سيدى انا ما ينفعنيش القسوة دى !!

- فرد بسعادة من كلامى ولهفتى عليه : والله لو على ما كنت نزلت من البيت وسيبتك ده انتى وحشتينى جدا ..... ايه ده ....هو لسه الفطار مكانه معقول ؟

- برطمت فى سرى و هو يعنى انا اللى فطرت وسبته؟!! يعنى الفليبينية اللى هى انا ح تقطع نفسها ؟ وكدت أرد بعصبية ولكنى وجدت انها ح تقلب بغم فرددت بدلال : ما حبيبى هو اللى فطر وسابه والله انا كنت لسه ح أشيله ليك بس علشان ما اتعبكش خاااااااااالص !!!

- هو صحيح انا متعود انى ما أعملش حاجة فى البيت خالص قبل الجواز بس علشان خاطرك ح أشيله المرة دى بس ما تتعوديش على كده !!

- وفيها ايه لما أتعود ؟ هو حرام لما حبيبى يدلعنى ويريحنى ؟ ده انت كده تثبت لى انك بتحبنى بجد ومش عاوز حبيبتك تتعب ...

- رد بنفاذ صبر : يا ستى هو الحب عندك انى أكنس وأغسل الحلل ؟

- وانت الحب عندك انك ترتاح وترمى كل الحمل على أكتافى انا ... يعنى ازاى أكون باحب انسان وألاقيه تعبان جدا وماأحاولش انى أساعده بأبسط مساعدة ؟

- يا حبيبتى انا بارجع تعبان وعاوز ارتاح ومش معقول أشتغل جوة البيت كمان !!!

- يا حبيبى يعنى انت بتشتغل أكثر من الرسول عليه الصلاة والسلام اللى كان قائد أمة بحالها ؟

- عليه الصلاة والسلام لا طبعا وانا اجى جنبه ايه ؟

- طيب يا سيدى الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيعمل عمل أهل البيت طول ماهو موجود معهم يعنى بيساعدهم شوفت بقى يا سى السيد ؟

- وأحب ان ينهى الحوار عندما وجد نفسه سينهزم وقال بنفاذ صبر : طيب طيب يا سارة سيبينى أغير هدومى علشان اكل وأنام شوية !!

- وأحسست ان الموضوع ح يقلب بحرب وانا لسه فى بداية حدوتة جوزك على ما تعوديه !! فابتسمت وقلت له برقة : طيب يا حبيبى قدامك 3 دقايق تغير فيهم هدومك علشان أكتر من كده حتوحشنى ويمكن أبلغ البوليس ولا حاجة !!

- فابتسم لى بغرور ولم يرد !!

على عقل الرجالة !!

وحضرت الأكل سريعا وانا أدعى فى سرى ان يعجبه وان كنت أشك فى هذا بس ربنا يستر !! والحمد لله الهامبورجر موجود برضه علشان الجيران ما يسمعوش صوتنا ويقولوا العروسة الجديدة بتنضرب علقة سخنة !!

وجلسنا سويا حول الاكل وحاولت حماية نفسى سريعا من العلقة المتوقعة فقلت له: - دى أول أكلة يا حبيبى أعملها لك بايدى وانا عارفة انى لسه باتعلم الطبيخ بس كفاية انى عملتها لأحلى راجل فى الدنيا علشان تبقى تجنن مش كده ؟

- ربنا يخليكى لى يا حبيبتى انا مش قد الدلع ده كله ... ثم تذوق صينية البطاطس وكله أمل فى الحياة وفى ثوانى ظهرت على وجهه ملامح واحد يبحث عن رقم بوليس النجدة !!

- ورديت بمنتهى الاستهبال : ايه يا حبيبى رأيك ايه ؟

- فرد باحراج من مقدمة الدلع الجامدة تسلم ايدك يا حبيبتى !!! بس هى مختلفة شوية عن اللى انا متعود عليها

- فرديت ببراءة الاطفال : ميرسى يا حبيبى بالهنا والشفا !!

ياسلام يا واد يا عمر اول مرة أشوف البطاطس ليها طعم السبانخ المخلوطة بالذرة !! والرز شبه كورة القدم خماسية الاضلاع !!... أكلتين كمان من دول وييجى لى كساح !! بس معقول أزعلها وهى عمالة تدلع فى كده ؟؟؟؟؟ ياااااالا ما احنا ياما أكلنا أكل حلو اديها هامبورجر واعمل نفسك من طنطا !!

الحمد لله عدت على خير ... طيب لما أشوف ح يشيل معايا الاطباق ولا ح يستندل كالمعتاد ...

- عمر ممكن تشيل معايا الاطباق لو سمحت ؟

- يوووه يا سارة كفاية طلبات أرجوكى ....

- فرديت بمسكنة : طيب اسفة ... انى ضايقتك.... !! ومشيت بانكسار مفتعل وانا أحمل الاطباق فماهى الا لحظة واحدة وقام طبعا وقال لى : خليكى انتى يا حبيبتى انا حاشيلهم ....وانتى ارتاحى !!

- ضحكت فى سرى من طيبته وأكملت خطتى بعد ما فرغ من الاطباق وقلت بدلال كبير :

طيب يا حبييى ادخل انت نام شوية وانا ح أغسل الاطباق هو انا كنت عاوزة اتكلم معاك شوية قبل ما تنام بس مش مهم انا ح أغسل الاطباق لوووووووحدى وانت ادخل ارتاح ... بس تعرف انت واحشنى وكنت عاوزة اتكلم معاك واحكى لك على اللى حصل كله النهاردة ... بس يوم تانى بقى !!

- لا يا سارة يا حبيبتى سيبى الاطباق مش مهم وتعالى نقعد مع بعض شوية ...

- أسيبها ؟ لا يمكن ابدا ابدا ابدا !!!

- طيب يا حبيبتى انا ح أساعدك وأغسلهم معاكى ما تهونيش على !!

- انت أحلى زوج فى الدنيا دى كلها ... وبجد وحشتنى !!!

__________________


 

9



أخيرا جه يوم الجمعة .. يوم الاجازة .. مفيش صحيان بدرى ولا جرى على الشغل ... يا حبيبتى يا سارة نايمة زى الملاك ... تعبت جدا الاسبو ع ده ... بس اكيد ح تتعود وحيبقى الموضوع أسهل عليها وانا كمان بقيت أساعدها شوية بس علشان بس بحبها .... فرصة والدنيا لسه هادية أقوم اقعد لوحدى شوية واقرأ الجرايد على رواقة واشرب كوباية شاى موزونة ومش ضرورى فطار النهاردة !!!

الله الشقة شكلها جميل اوى الصبح .......الشمس داخلة من الشبابيك والستائر الحرير معطيه نعومة ورقة للبيت .........كل البيت ده بتاعى انا ؟! ده انا طول عمرى لى اودة واحدة فى بيت والدى وكنت باعتبرها مملكتى الخاصة وناقص اكتب عليها ممنوع الاقتراب او التصوير !!! فجأة الاقى لى شقة كاملة جميلة زى دى وانا راجل البيت ؟؟! احساس رائع باكتمال الرجولة يارب يديمه علينا ..........

وجلست أقرا الجرائد فى روقان وهدوء حتى مر الوقت وباقى ساعة على صلاة الجمعة .... فرصة أقرأ سورة الكهف قبل ان انشغل فى اى حاجة تانية .......

اول مرة اصحى براحتى من اسبوووووع كامل مش مفزوعة من صوت المنبة الجبار.... صحيح الستات مفروض يقعدوا فى البيت بس علشان يناموا براحتهم !!! ايه ده عمر فين ؟ الراجل طفش ولا ايه ؟ باضحك جدا لما اشوف فى التليفزيون واحدة صاحية من النوم وقبل ما تفتح عينيها تتحسس مكان نوم جوزها كأنها بتدور على فردة شراب مثلا ! طيب ما تفتح عينيها أسهل وح تكتشف ان المذكور فلسع من بدرى !!!

تلاقيه طلع نام فى الصالة ولا بيتكلم فى التليفون ..........لا مفيش وقت دى صلاة الجمعة قربت .... واقتربت لأشاهد منظر جميل طالما حلمت به قبل زواجى ....... وجدت عمر يجلس تحت شباك الصالة وممسكا بالمصحف ويقرأ فى خشوع بصوت رخيم وتجويد سليم حتى انه لم يشعر بوجودى ..........اقتربت لأجلس بجواره استمع اليه ولكنى وجدت نفسى لا شعوريا أجلس تحت أقدامه فليس الرجل الغنى او الوسيم هو من تعشقه المرأة ....... ولكنه الرجل الذى يخشى الله .........

جلست تحت أقدامه أستمع لسورة الكهف وكأنى أسمعها لأول مرة ... سعدت من صوته الرخيم وخشوعه وأحاط بنا هدوء واطمئنان وكأن الملائكة يباركون اجتماعنا..... وانا اختلس النظر لوجهه وهو يقرأ لأستمتع بملامحه الخاشعة وأشكر الله على نعمته التى انعمها على ... حتى انتهى من القراءة وجذبنى من يدى لأجلس بجواره وسألنى :

- ليه يا حبيبتى قعدتى على الأرض ؟ ده انتى تقعدى جوه عينى !!

- لا يا حبيبى حسيت انك كبير اوى وانت فى حالة الخشوع دى ما قدرتش أقعد جنبك ........

- ياااه انتى مكبرة الموضوع ربنا بس يتقبل .... وانتى متعودة على قراءة سورة الكهف كل جمعة ؟

- بصراحة ساعات ساعات مش دايما ....

- لا يا حبيبتى ان شاء الله نقراها دايما سوا ..... وبعدين خليكى شطورة واسمعى كلام عمو عمر علشان اديكى الهدية اللى جبتهالك امبارح !!

- نطيت بسرعة : ايه ده هدية ؟ كده وساكت من امبارح يا غلس !!

- أصلهم مش هدية واحدة دول اتنين !!

- كمان ؟ كفاية غلاسة بقى ... يالا مش قادرة استنى !!

- رد بمكر ذو مغزى : طيب تدفعى كام ؟

- فهمت مقصده وقلت له : مش عاوزة منك حاجة !!

- طيب خلاص خلاص انا باضحك معاكى شوفى يا ستى دول أهم هديتين حتاخديهم فى حياتك ........ اول واحدة اتفضلى يا ستى تاتاتاتاتاتاتاتاتا.....

- وفتحت لفة الهدية البراقة ثم صرخت بخيبة امل : يااااااااااااااسلام حصالة !!!!!!!!!!! لا والله وجاى على نفسك كده ليه ؟ ودى أحط فيها مصروف البيت ولا أحوش لبنتك اللى فى خامسة ابتدائى ؟!!!



- ياساتر يارب ... استنى شوية ... ايه ده مدفع رشاش ؟ استنى لما افهمك حتعملى بيها ايه ؟

- اتفضل يا عم الموفر !!!

- وتجاوز عن التريقة ورد بصبر : دى يا ستى انا وانتى ح نحوش فيها كل يوم اى مبلغ ان شا الله جنية واحد اى فلوس والسلام ونيجى اخر الاسبوع يوم الجمعة نفتح الحصالة ونتصدق بالمبلغ ده وبكده نكون كل يوم بنطلع صدقة حتى لو كانت بسيطة ...وممنوع انه يعدى يوم من غير اى صدقة حتى لو مش حناكل اليوم ده ......وبكد حنلاقى بركة فى دخلنا غير عادية .........فهمتى يا حبيبتى ؟

- رديت بانبهار وسعادة بالغة : ياخبر ايه الفكرة الروعة دى ؟ جبتها منين دى ؟

- يعنى موافقة ؟ طيب نيجى للهدية التانية شوفى يا حبيبة قلبى ده مصحف مجزء ل30 جزء ....... حتيجى على الدرجين بتوع البوفيه وترمى كل الكوارث اللى فيهم وتفضيهم خالص وتحطى أجزاء المصحف فى الدرج اليمين وكل يوم انا وانتى كل واحد منا ياخد جزء محدد ويقراه ولما يخلصه سواء فى يوم او كذا يوم يحطه فى الدرج الشمال وياخد جزء جديد وهكذا لحد ما الدرج الشمال يتملى خالص نعرف ان انا وانتى ختمنا المصحف مرة ....وبعد كده نرجعه تانى للدرج اليمين وهكذا على طول ....... ايه رايك ؟

- بجد مش عارفة أرد وأقول ايه غير انى أشكر ربنا انه أهدانى بيك .....

- بصى يا سارة الحب مش بيستمر بين الزوجين بالكلام الحلو ولا بالفلوس ولا حتى بالأولاد لكن بيستمر بطاعة ربنا وبركته لهم ... واحنا عاوزين بيتنا ده بيت طائع لله علشان ربنا يبارك لنا فى حياتنا واولادنا اللى جايين ان شاء الله



- ربنا يكرمك ويخليك لى يارب وتفضل كده على طول ...

- ياااااااااااه ده انا كده ح اتأخر على الصلاة يالا بقى مع السلامة ......على فكرة ح اخرج مع اصحابى شوية بعد الصلاة وح ارجع على الغداء .

- طيب ما تنساش تدعى لى .......مع السلامة !!!

وخرج حبيبى وانا اودعه وأشكر الله على ان أهدانى هذا الزوج .... ثم توضئت وصليت الظهر وجلست أقرأ سورة الكهف ووعدت نفسى الا أقطعها ابدا فى اى يوم جمعة ....

ثم اخرجت محتويات درجين البوفيه ورصيت بالدرج الايمن كل الاجزاء وبدأت بأول جزء وسجلت تاريخ هذه الختمة فى ورقة صغيرة كى نعلم متى سننتهى منها ......... ثم جلست أقرأ القران لفترة طويلة.......

ثم قمت لتحضير الغداء والذى كان لحسن الحظ معونة انسانية من ماما بعد ما حكيت لها ماساتى مع الاكل وان ممكن اتطلق وانا فى شهر العسل من الكوارث اللى باعملها .....فالظاهر خافت انى ارجعلهم وهم ما صدقوا يخلصوا منى !!!! فطبخت لى كام صنف تحفة ...ربنا يخليكى لى يا مشرفانى !!!



أريد ان يكون هذا اليوم جميلا لأكافىء عمر على هداياه الرائعة ......... اعددت الغداء وجملت السفرة بورود ورششت معطر جوهادىء وبدلت ملابسى لأرتدى عباءة ناعمة وتركت شعرى منسدلا على كتفى وتعطرت وطلبت عمر فأخبرنى انه مع أصحابه ....طيب وبعدين ؟

رنيت عليه ثانية فلم يرد ..... ارسلت له رسالة ( تعالى بقى يا عمر .. انت اتأخرت اوى ) برضه لم يرد

أرسلت رسالة ثانية ( يا سيدى كفاية تقل .....بجد وحشتنا !!)

لم يرد !!!!!!

فأرسلت له الضربة القاضية ( خلاص يا حبيبى ....خليك براحتك بس شهرزاد كان نفسها تشوفك اوى .....خلاص بقى تدخل تنام أحسن !!!)

وطبعا كما توقعت جاء بعد دقائق معدودة ..........وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح تااااااااااااااااااااااانى !!!!

__________________


 

10



معقوووول مر شهرين على زواجى انا وعمر !؟ مروا بسرعة جدا حياة جديدة فى كل شىء فى المسئولية والمشاركة والمشاعر فى كل شىء ...... حتى اصدقائى اللى كنت بارغى معاهم بالساعات فى التليفون اصبحت لا اراهم الا نادرا ولو تكلمنا فى التليفون يكون حديث سريع لألحق كل الأشغال اللى ورايا ........

وشقتى الجديدة أصبحت مملكتى بجد وبعد ما كنت أنظف حجرتى فى بيت ماما بالعافية وبعد استدعاء البوليس أصبحت لا أطيق ان ارى منزلى غير مرتب وأتخانق مع عمر لو رمى ملابسه او كتبه كالمعتاد رغم ان كتبى واشيائى الخاصة زمان كانت محتاجة خريطة للوصول لها !!! لكنه هو الحب الذى يجمعك بمكان تشعرين انه ملكك وحدك تكونين فيه على راحتك وتفعلين ما تشاءين .......

حتى ان منزل والدى اضطررت ان ابيت فيه ليلة عندما مرضت أمى .بجد لم أستطع النوم مش عارفة ازاى مش هو نفسه السرير اللى نمت عليه اكثر من عشرين سنة ؟ احساس لا يعلم تفسيره الا الله الذى يريد لنا ان نعمر بيوتا وبيوتا حتى نعمر الارض جميعا .........

وانا وعمر ومتفاهمين جدا لكن لا يخلو الأمر من غلاسة وتحكم فى أشياء تافهة كى يثبت لنفسه انه سى السيد ولاأعلق عليها وأجعلها تمر كى لا تصبح كارثة ..شىء واحد هو ما يحيرنى ويضايقنى فعلا – باستثناء حماتى طبعا !! - وهو مصاريف البيت لا أعرف ماذا يمكن ان يفعل شابين يعملان عمل شاق يوميا كى يوفرا مصاريف الايجار والاكل والدواء والخروج والمجاملات الخ الخ الخ ... ؟



طبعا يحتاجان معجزة من السماء كى تحل لهم لغز الاسعار ...وأصبحت بعد ان كنت أصرف مرتبى على العطور والكريمات والمجلات ...أصبحت أبحث 10 ساعات قبل ان اشترى زيت الطعام كى أعرف اى نوع أوفر ؟ وأصبحت أفاصل مع اى بائع رغم انى كنت باقول لماما دايما ان ده تصرف بيئة !!! وأصبحت أحمل هم اى مناسبة غير معمول حسابها مثل فرح او خلافه نضطر اسفين ان نجامل اصحاب المناسبة فيه لأن ده معناه ان بقية الشهر ح نقضيه تونة وجبنة !!!

ولكن ليس هذا ما يضايقنى فقط ولكن تصرف عمر الغريب تجاه مصروف البيت هو ما يضايقنى جدا ......... وهو انه لا يخصص مبلغ معين لمصروف البيت وانا اساعده فيه ونصرف منه سويا لا هو يدفع الايجار وبعض الاشياء الاخرى وانا عندما أقبض مرتبى أسارع لأنفقه كله تقريبا على خزين المنزل من سكر وزيت وخضار ولحوم وخلافه وهو متقبل ده عادى وبدون مشاكل ....حتى انى طلبت منه مرة مبلغ كى أشترى شىء للمنزل فرد على ببساطة ( ما انتى معاكى فلوس يا سارة !! هى خلصت ؟)

طبعا اتضايقت جدا من رد فعله ده :هل المفروض ان أنهى مرتبى كاملا ثم بعد هذا هو يساعد !!! الغريب فى الأمر انه غير بخيل ابدا بل بالعكس لا ينفق على نفسه تقريبا الا الضرورى جدا ولكن ما يضايقنى انه معتبر مساعدتى فى المنزل امر مفروغ منه وفرض على .....وتحملت هذا الامر رغم ضيقى منه انا احب ان أصرف على منزلى ولكن بارادتى وليس فرضا على حتى جاء يوما رجعت من العمل وانتظرته بعد الغداء وقلت له :

- شفت يا عمر النهاردة بعد الشغل نزلت انا وواحدة صاحبتى المحلات اللى جنب شغلى كانت عاوزة تشترى شوية حاجات .....

- طيب يا حبيبتى وايه المشكلة ؟

- لا أبدا لقيت شنطة تحفة نازلة فى التخفيض من 70 جنية الى 50 بس واشتريتها على طول ...تتصور دى جلد طبيعى !!

- فرد بعصبية :اشتريتيها ؟ وما قلتيش لى ليه قبل ما تشتريها ؟

- فاستغربت من رد فعله وقلت : عادى يعنى يا عمر يعنى ح اطلبك أقول لك على حاجة هايفة كده ؟

- 50 جنية حاجة هايفة ؟

- يعنى انت زعلان من المبلغ ولا من انى ما قلتش لك ؟

- الاتنين ....كان لازم تستأذنى منى الاول !!!

- فصرخت فيه : عمر انت بتقول ايه دى فلوسى ....انا ما خدتش منك حاجة علشان الزعل ده كله !!!

- فصرخ فى بعنف : فلوسك يعنى ايه فلوسك ؟ يعنى أخرس انا ولا ايه ؟

- انا ماقلتش كده . . بس ازاى يعنى استأذن قبل ما اصرف اى حاجة انت بتهرج ؟

- انا ياستى معقد نفسيا خلاص؟ مش باحب ان مراتى تمسك فلوس وتزعق فى وتقول فلوسى ومالكش دعوة والكلام ده ....

- ياسلام واشمعنى الكلام ده مش بيتقال لما باجيب حاجة للبيت ليه مش بتقولى استأذنى ؟ ولا علشان دى حاجة لى انا ؟

- دى ضروريات للبيت مش ممكن نستغنى عنها ....انما الشنطة بتاعتك دلع !!

- والله ادلع نفسى مش مشكلة ....وبعدين الضروريات دى مسئوليتك انت وانا ان كنت باساعد فى البيت ده مش فرض على !!

- والله انا قلت من ايام الخطوبة تسيبى الشغل علشان وجع الدماغ ده وانتى ما سمعتيش الكلام واللى كنت خايف منه حصل .....بقيتى بتعلى صوتك على وتقولى فلوسى انا !!!

- هو انت يا تحبسنى فى البيت يا تتحكم فى كل مليم ؟ ده انت فعلا معقد على كده !!



- وانتفض من مكانه والغضب يتطاير من عينيه وأمسك ذراعى بعنف وصرخ فى : انا معقد ؟!!!......طيب انا ح اوريكى العقد اللى بجد من بكرة مفيش شغل ولما أشوف كلامى ح يمشى ولا لأ ؟

- ارتعبت من نبرته المخيفة وضغطه الرهيب على ذراعى والقسوة التى يتحدث بها فارتجفت وانهمرت دموعى بلا توقف .........



- فلانت نبرته قليلا وزفر بقوة وقال : طيب بتعيطى ليه دلوقتى مانتى كمان زعقتى وجننتينى .........

- .................

- كده ياسارة توصلى حاجة هايفة لحد كده ؟ خلاص بقى حقك على ما تزعليش .

-

- فرددت من بين دموعى : لا مش حاجة هايفة ده ربنا قال ذمة مالية منفصلة للمرأة تيجى انت وتقولى استأذن ؟

- والله انا عارف ده بس مش قادر أطبقه ماأقدرش استحمل ان مراتى تقولى دى فلوسى وانت مالكش لازمة طيب اعمل ايه ؟

- مااعرفش والله تعمل ايه ؟

- طيب انتى شايفة انى بخيل ولا باصرف على نفسى حاجة ولا انتى بتطلبى منى حاجة ومش باجيبها ؟

- فرددت وانا امسح دموعى : لأ .....امال ايه الفيلم ده طيب ؟

- انا يا ستى ما بحبش الست اللى بتعمل كده ....وبعدين انا مش عاوزك تدفعى حاجة فى البيت تانى علشان مش كل شوية تقولى باساعدك باساعدك !!



- بقى انا باعمل كده الله يسامحك ..... وبعدين هو انتى يعنى أحسن من الرسول عليه الصلاة والسلام اللى كان بيتاجر للسيدة خديجة فى مالها وهى زوجته ولا يخجل من ان يعلن ان ده مال زوجته وفين ؟ فى قريش عز التعصب والجهل ؟

- ياستى انا مااقدرش اوصل للمنزلة دى .......ولو الموضوع ده ح يجيب مشاكل ح اقعدك من الشغل فعلا

- من فضلك يا عمر ما تكبرش الموضوع كده ....انا فعلا زعلانة منك جدا ومستغربة تفكيرك جدا

- حقك على انى انفعلت عليكى انتى عارفة قد ايه بحبك ........لكن مش ح اقبل ابدا انى اكون على الرف او حاجة تحصل فى بيتى من غير موافقتى حتى ولو حاجة هايفة قلتى ايه ؟

- ..................................

11

مرت أيام وانا وعمر متخاصمين .....يعنى بنتكلم فى الضروريات بس .... لكن من جوايا انا زعلانة منه جدا ....من عصبيته وموقفه الغريب وتفكير الأغرب ....المشكلة انى متأكدة انه مش بخيل ولا طمعان فى .. بس مش قادرة أفسر تفكيره لحد دلوقت ..تحكم والسلام ؟ ولا خوف من الفلوس انها تقوينى فأبعد عنه ؟!! وكأن اللى رابط أى زوجة بزوجها هى انه بيصرف عليها فقط ... ولو هى معاها فلوس حتقدر تعيش من غيره وتسيبه بسهولة !! بجد حاجة تجنن !! طيب وستات البيوت بيتطلقوا ليه لما هى الحكاية كده .....مش معقول التفكير المقلوب ده ؟!



عمر حاول يصالحنى لكنى لم أستطع ابدا ...لأنى حاسة ان الصورة اللى كانت فى خيالى اتهزت لأن موضوع الفلوس بين الزوجين ده حساس جدا ودايما الزوجة بتكون راسمة لزوجها وحبيبها صورة الفارس النبيل الذى لا يتكلم قط فى المال لأن ده شىء بينقص من قدره كرجل ودائما تدور فى عقلى عبارة الافلام الشهيرة ( انا برضه أمد ايدى لفلوس واحدة ست ؟؟؟!!!!) فأصبح الأمر مقترن بالرجولة فى نظرى .......



ولكن ظروف المعيشة البشعة الان غيرت من شكل الصورة وجعلت الرجل مضطرا لعمل زوجته ومساعدتها له والزوجة ايضا تقبلت هذا و تسعد عندما تفعله ....ولكن للأسف لم يتخل الرجل عن الصورة القديمة فى خياله بأنه صاحب المال والآمر الناهى الأوحد .....فأصبح يعذب زوجته بحملين حمل المشاركة وحمل التحكم !!!



سارة وحشة أوى وهى زعلانة ....صحيح هى لم تقصر فى أى حق من حقوقى فى البيت وأجد طعامى وملابسى وكل شىء مرتب وترد على عندما أسألها عن أى شىء ....ولكن روحها المرحة الدافئة والحيوية التى تنطق من عينيها والتى تجعلنى أذوب فيها اختفت !! وحل محلها لوح زجاج بارد لا يعبر عن أى شىء ....حاولت مصالحتها بلا جدوى .... ياربى أعمل ايه ؟ بس أنا كمان مش قادر أنفذ اللى هى عاوزاه !! يعنى ايه أكون قاعد فى البيت ألاقيها داخلة وشارية غسالة مثلا وتقولى وانت مالك دى فلوسى أقعد كمل الشاى اللى بتشربه وخليك فى حالك !!

معقول أستحمل كده ولو كنت فوت فى حكاية الشنطة كان حيبقى ده العادى ...انا مش طمعان فى فلوسها ابدا لكنى مضطر لمساعدتها فى البيت علشان ما نزورش السيدة انا وهى كل يوم جمعة !!!



بس أعمل ايه تحت هدومى الكاجوال لسه فيه صديرى جدى الصعيدى مش قادر اتقبل الموضوع خالص ....بس هى كمان معذورة وشكلى وحش قدامها ..برضه انا انفعلت بصورة غبية !! ومش قادر أعيش من غير دفء عينيها وحنيتها ...طيب ما هى مش عاوزة تصالحنى أعمل ايه ؟؟ ....شغل التفانين يا واد يا عمر دى سارة حبيبتك !!!!!!



ذهبت الى عملى كالمعتاد وانا ماليش نفس لأى حاجة فى الدنيا وطبعا كان باين على وشى جدا فكل واحدة ظريفة تيجى تسألنى بحشرية ( ايه ابتدينا نكد الجواز ولا ايه ؟؟؟ قلنا كده قالوا اطلعوا من البلد !!!) انا مش عارفة كل واحد ما بيحطش لسانه جوة بقه ليه ؟ ياسااااتر !!!

خلاص الساعة 2 كلها ساعة واروح ....موبيلى بيرن ..... ايه ده ؟ ده عمر خير ؟

- الو ايوة يا عمر ؟

- فرد بصوت أقلقنى :ايوة يا سارة ازيك يا حبيبتى انتى كويسة ؟

- الحمد لله فيه ايه ياعمر ؟

- مفيش حاجة بس ح اعدى عليكى بعد ساعة استأذنت من شغلى بدرى وح اجيلك استنينى .....

- ايه يا بنى فيه ايه انت رعبتنى كده ؟

- فرد بغموض :.....لما اجى ح تعرفى !! مع السلامة !!

- عمر عمر عمر ....................!!

يارب سترك يارب دى اول مرة يعملها أكيد بابا تعب وهو مش عاوز يقول لى .....ولا ماما ؟!! لا بجد حرام كده ...حاولت الاتصال به الف مرة بلا جدوى لا يرد مما أكد شكى بأن مصيبة قد حصلت يارب استر يارب !!!



وأخييييييييييييييييييييييرا جاء بعد ما أصبحت على وشك الانهيار ... ولكنى وجدته فى قمة الشياكة مرتديا القميص المفضل عندى وكمان البرفان اللى باموت فيه !! ايه ده ؟ طبعا لو كانت والدته هى اللى تعبانة كان جه بالبيجاما !!! لا وكمان رايق وعمال يسلم على زمايلى ويوصيهم على !! لا بجد لو ما قالش فيه ايه ح اخبطه بحاجة فى دماغه حالا !!

وأخيرا سلم على بحرارة وهمس فى أذنى ( وحشتينى ) وأخذنى وانصرفنا وزميلاتى لسان حالهن يقول ( جتنا نيلة فى حظنا الهباب ) !!



وفى السيارة كان ح يغمى على من شدة القلق وسألته :

- ( أبوس ايدك قولى فيه ايه انا خلاص ح اموت ....... ماما ولا بابا اللى تعبانين ؟)

- فرد بلهجة المحقق كونان : اطمنى هم بخير انا واخدك لمشوار مهم جدا وما تسأليش على أى حاجة دلوقتى لحد ما نوصل !!!



- فخف قلقى قليلا وان لم يختفى تماما ...ولكنى راقبت ملامح الغموض المرسومة على وجهه وهى ممزوجة بوسامته الظاهرة اليوم ....فلاحظ انى أراقبه فسألنى (ايه وحشتك ؟) فلم أرد ومديت البوذ المتين وأغمضت عينى ولكنى رأيت صورته مازالت مرسومة بداخلها !!



ياه الظاهر انى نمت شوية ........ايه ده انا فين ؟ فى الجنة ؟ وأفقت لأجد القاهرة كلها تحت قدمى فى منظر خلاب وجو رائع ونسيم يداعب المشاعر ... وعمر ينظر لى بحنان ويقول لى :



- صح النوم يالا انزلى بسرعة....



- ايه ده احنا فين ؟

- فى المقطم يا حبيبتى مش كان نفسك تشوفيه من زمان ؟

- هو ده المشوار المهم ؟ ؟ ح نعمل ايه هنا ؟



- هشششششششش كفاية أسئلة وتعالى .....



-

ومشيت وراءه وانا أبعد يده التى تحاول الامساك بيدى والبوز مازال موجودا ..

ودخلنا الى كافيتريا لم أرى فى جمالها من قبل كل حوائطا مستبدلة بزجاج دائرى كى ترى القاهرة من كل أركانها وكل الأضواء استبدلت بشموع تعطى الجو رومانسية وسحر ....... واخذنى الى طاولة بعيدة وجلسنا وانا لا استطيع النطق بعد ما رأيته ونظر الى عينى مباشرة وقال لى ثانية :

- وحشتينى ....

- ..............

- بحبك ....

- ........

- مش عاوزة تردى على ؟ طيب انا اسف .....



- خلاص يا عمر انا مش زعلانة انا نسيت الموضوع خلاص .......



- واضح جدا بدليل البرود اللى بتعاملينى بيه ياريتك خاصمتينى لكن انتى استعملتى اسلوب ذكى جدا ما قصرتيش فى اى حاجة ولما اكلمك بتردى عادى لكن انتى فى دنيا وانا فى دنيا تانية .... ودى حاجة ممكن تموتنى ... فين سارة حبيبتى ؟

- ايوة حبيبتك اوى ....بدليل انك مش عاوزنى أشترى لنفسى حاجة ولازم أرفع صباعى وأستأذن قبل ما أشترى حاجة ....!!!



- يا حبيبتى انا نفسى أجيب لك كنوز الدنيا وأحطهم تحت رجليكى .بس انتى عارفة الظروف .....وانا مش عاوز اتحكم فيكى ولا حاجة .....دى حاجة نفسية جوايا بتخلينى عاوز أعرف كل حاجة بتعمليها وتحسسينى انك مش بتعملى حاجة الا لما أعرفها الاول .......

- بس دى حاجة تخنق ....

- بصى يا سارة انا بخيل ؟

- لا

- عينى زايغة ؟

- لا

- بأعامل أهلك وحش ؟

- لا

- باعاملك انتى وحش قدام الناس او حتى بيننا ؟

- لا

- مش عارف ربنا كويس ؟

- الحمد لله

- طيب يا ستى اعتبرى موضوع الفلوس ده عيب فى وخدينى على قد عقلى فيه وريحينى وانا اوعدك انى عمرى ما ح احرمك من حاجة ابدا بس عرفينى الاول .......اتفقنا ؟



- فانكسفت جدا من انى أريده كاملا بلا عيوب من تكبيرى الموضوع بالشكل ده ورددت عليه : اتفقنا ياحبيبى !!



- الله أكبر أول مرة تنطقيها من أسبوع أيوة كده خلى الشمس تطلع يا شيخة !!

- خلاص بقى يا بنى فرجت علينا الناس .....

- طيب غمضى عينك انا جيب لك هدية بس ما تتعوديش على كده أحسن ح نشحت بالشكل ده !! اتفضلى يا ستى .....

- الله ايه الصندل الجميل ده ؟

- ده يا ستى علشان يليق على الشنطة اللى اشتريتيها ...بس زى ما اتفقنا ح تعرفينى الاول على اى حاجة خلاص يا حبيبتى ؟

- فرددت بكسوف .....خلاص يا شهريار .....

- فرد بلهفة :شهريار؟!!! الله أكبر!!! ....سارة انتى لازمك الغدا هنا أوى لا ممكن نروح دلوقتى ؟

- ................................

__________________

(12

مر على زواجنا 6 اشهر تقريبا.. الحمد لله مروا على خير ... لكن لا اعرف ما هذا الاحساس الذى اشعر به .....احساس بالاعتياد والتعود والركود لا رغبة لدى كى افعل شىء جديد بمعنى اخر ما اشعر به هو الملل ...الملل من كل شىء فى حياتى الجديدة ....

هذا لا يعنى انى لم اعد احب سارة بل بالعكس اشعر انى احبها اكثر من زمان بعد ما عاشرتها وعرفت رقة طبعها واستحمالها لتقلبات طباعى وصبرها على ظروفنا المادية الصعبة ...ولكن احساسى من ناحيتها تبدل هذا التوهج الذى كنت أشعر به فى مشاعرى تجاها فتر !! كنت عندما أسمع صوتها فى التليفون يدق قلبى وتشعر كل خلية من خلاياى بالسعادة ...ولكن الان مكالماتنا التليفونية عندما نبتعد عن بعض سريعة قصيرة لابلاغ امر هام او طلب ضرورى ان اشتريه !!

لم اعد متلهف للقائها مثل زمان وكيف أتلهف وانا أراها طوال اليوم أمامى ؟؟!!!

أصبح حديثنا اليومى أقل من زمان عندما كنا نتحدث طوال الليل حتى نفاجىء بخيوط الفجر تداعب وجوهنا بدون ان نشعر ؟؟ والان ملل ملل ملل .....

ولكنى لا اتصور حياتى لحظة بدونها ... وأشعر انها صديقتى التى أعود سريعا لأقص عليها كل ما حدث فى يومى فهى تمتاز بصفة لا توجد عند 95 % من بنات حواء وهى فن الاستماع بدون لوم ولا تريقة ....حتى لو كانت متأكدة انى مخطىء فهى تلفت نظرى بهدوء بعد فترة من الحديث كى لا تشعرنى بخطأى مثل الطفل الصغير وتمسك اللى الخرزانة زى الاطفال !! ولا تقول الجملة الخالدة التى تقود اى رجل للجنون ( ماهو لو كنت سمعت كلامى ما كانش حصل كل ده !!!)

طيب لماذا أشعر بكل هذا الملل ؟ ؟ ولماذا فتر احساسى بها كحبيبة وفتاة أحلامى ؟ أعرف انى أظلمها معى عندما ترانى أقل تلهفا عليها وأرد عليها أحيانا فى اقتضاب ....أرى اللوم فى عينيها بدون أن تصرح بشىء ولا تلومنى فى شىء .ولكن أعمل ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مش عارفة عمر متغير من ناحيتى ليه ؟ انا بأحاول أرضيه بكل الطرق ولا أهمل فى منظرى أبدا ....وكل طلباته أوامر ...طيب حصل ايه هو صحيح مش بيتخانق معايا بس مش عمر بتاع زمان .......أشعر انه زهقان من كل حاجة فى الدنيا حتى منى ........طيب أعمل ايه ؟ وكل يوم أسأله السؤالين الخالدين ( فيه حاجة يا عمر ؟ ) ( وزعلان منى فى حاجة يا عمر ؟ ) والاجابة واحدة لاااااااااااااااااااااااااااأ !!

طيب أرجعه ازاى زى الاول وأرجع أحاديثنا الطويييييييييييييييلة تانى ازاى ؟ هو ده بقى الملل الزوجى اللى بيقولوا عليه ؟ وده الخرس الزوجى اللى بيصيب الازواج وأعراضه سرحان وبحلقة فى السقف ..والرد على أى سؤال باشارة مبهمة لا تعنى شىء والفرجة على ماتشات الكورة حنى لو كان فريق جزر القمر هو اللى بيلعب !!!!

مرة قرأت ان تحريك بحيرة الزواج من الركود مسئولية الزوجة ....يعنى جت على دى ومش حتكون مسئوليتها ؟ ماهى كل حاجة على دماغها لوحدها .......

طيب تعمل ايه الزوجة تعمل أراجوز علشان ترضى زوجها ؟ بجد حرام كل حاجة عليها ....يا اما يقولوا دى منكدة عليه عيشته ومزهقاه فى الدنيا .....خلاص هو حر بقى مش عاوز يتكلم هو حر ..... بس انا مش عاجبانى الحياة بالشكل ده .وانا كمان ح يتنقل لى احساس البرود ده ..ودى عيشة بقى ؟ طيب حاحاول أفكر فى طريقة ........وراك وراك يا عمر ح تروح منى فين ؟

-

- ايه يا سارة انتى مش رايحة الشغل النهاردة ولا ايه ؟

- تصنعت الاعياء وانا ارد عليه :لا تعبانة شوية واخدت النهاردة أجازة يا حبيبى ..

- الف سلامة عليكى تحبى نروح لدكتور ؟

- لا دكتور ايه ؟ ده الظاهر شوية برد ح انام شوية واخد كوباية ليمون وابقى كويسة ان شاء الله ....وانا قلت لماما تبعت لى الشغالة بتاعتها تساعدنى أصلى مش قادرة اعمل حاجة خالص .......

- ما تقلقنيش عليكى يا حبيبتى .تحبى أخد اجازة انا كمان؟

- لا يا حبيبى ....انا ح ابقى كويسة ما تتعبش نفسك مع الف سلامة ....كح كح كح

وتركنى وهو قلقان على بجد .....اه لو لم أكن أعلم انه يحبنى أكثر من اى انسان فى الكون كنت قتلت نفسى !! لكن هو الاعتياد على الشىء الذى يفقدك بهجته والسعادة به وهل معقول ان الانسان يظل يشعر بالساعة التى يرتديها كل ثانية وكل دقيقة ؟ كان سيصاب حتما بالجنون والانهيار العصبى ...انه لا يشعر بها الا عندما ينظر لها بعد فترة من تركه لها وانا سأجعل عمر يرانى من جديد ....

فى التاسعة صباحا جاءت الشغالة وكان ورانا انا وهى شغل كثير جدا .كنت أريد تغيير نظام البيت كله حتى يشعر عمر انه فى عالم جديد ولكن الموضوع ليس سهلا ولكن علشان عيون عمر كله يهون ....

غيرت مكان الصالون ونقلته مكان الانتريه ليكون بجوار البلكونة بجوار الهواء الطلق ..مش مهم الضيف يتهووا المهم احنا .... وغيرت مكان التليفزيون ووضعت اتنين من كراسى الانتريه متلاصقين بعد ان كانوا كل واحد فى اتجاه كى نجلس عليهم انا وعمر ....

طبعا السفرة لم أجروء على تحريكها لأنها تحتاج بلدوزر بشرى يحركها أكيد اللى بيعملوا الفرش دول من كوكب المريخ او فاكرين ان العريس هرقليز والعروسة زينة !!! لكنى غيرت الفضيات الموجودة فى النيش بأخرى لامعة واضفت لها تحف صغيرة كانت مركونة .....و أخرجت مفرش سفرة جديد لم أستخدمه من قبل وفرشته ووضعت فازة كبيرة بها ورود اكثر اشراقا ..... .

وحجرة نومنا غيرت ترتيب كل جزء بها .... السرير مكان الدولاب والتسريحة مكان الشوفنيرة وفرشت مفرش يوم الدخلة الذى لم أستخدمه الا لأيام معدودة وعلقت صورة زفافنا الكبيرة التى رفض عمر تعليقها فى الصالون .ووعدنى بتعليقها فى غرفتنا وطبعا نسى او كسل !! الحمد لله الشغالة موجودة تعيش حياتها هى وتعلقها على راحتها ....وأيضا مجموعة من صورنا ايام شهر العسل وضعتها فى برواز ووضعتها على الكومدينو ليراها قبل النوم .الله الله أعطت الغرفة شكل رائع .....أكيد ح يعجب عمر !!

وأخيرا حجرة عمر التى يعمل بها مشاريعه الهندسية .... لم أرد ان أغير من طابعها الرجالى .... فكان يحتفظ فيها بسريره القديم ايام العزوبية ودولابه الصغير قبل ان يتزوج والان يضع به اوراقه وكتبه .... وده طبعا لأننا لم نملك وقت الجهاز ان نشترى حجرة معيشة او حجرة اطفال جديدة فكان هذا هو الحل ....

.....طيب اعمل فيها ايه ؟ بعد ان قمنا بتنظيفها فكرت فى فكرة جديدة وهى ان أغير كل الصور العائلية التى يضعها فى براويز على مكتبه بصور أعز أصدقائه الشباب وأخرجت الالبوم سريعا وأخرجت صور أفضل 5 أصدقاء له ووضعتها بشكل بارز له وطبعا سيدهش من هذاويقول مراتى اتجننت !!!..... لأن الزوجة بعد زواجها بتحاول بشتى الطرق ان تبعد زوجها عن اصدقائه القدامى كى تظل وحدها معه ولا تعرف انها بهذا بتخنقه ليهرب منها ويذهب لهم اكثر من الاول !!!!

خلاص أخيييييييييرا انهينا المعركة الحربية وأصبحت الشقة مختلفة تماما وازدادت جمالا ...ومشيت الشغالة وهى أكيد بتدعى على وعلى جنانى الرسمى !!

وبعد ان انهيت كل شىء فى الشقة ارتديت ملابسى ونزلت بسرعة للكوافيرة اللى فى نفس الشارع والتى قلت زياراتى لها للاسف توفيرا للنفقات واصبحت اعمل شعرى فى البيت وخلاص !! وقبل ان أدخل لها اشتريت جريدتنا المفضلة انا وعمر والتى كنا نقرأها ايام الخطوبة ونتناقش فى كل مقالاتها ولغبائى لم أعد أشتريها بعد الزواج ....له حق يزهق منى طيب ح نجيب كلام نتكلمه منين ؟ لازم أحداث جديدة نتكلم فيها علشان أجذب انتباهه لى !!

وطلبت من الكوافيرة ان تقص شعرى قصة جديدة وهو ما كنت ارفضه دوما تمسكا منى بشعرى الطويل وتسريحتى التقليدية ....فقصت لى قصة جديدة جعلت خصلات شعرى متدرجة ومحيطة بوجهى فأظهرت استدراته وزادتنى جمالا واقترحت على تلوين بعض الخصلات به فخفت ورفضت... ثم بعد الحاح منها وافقت وتركتها تعمل وانا اقرأ فى الجريدة واذا بعمر يتصل بى على الموبيل ياخبر كده المفاجأة حتبوظ لو سمع دوشة الكوافيرة !!!!



فجريت على الحمام واغلقت بابه على باحكام ورديت عليه متصنعة الاعياء وطلبت منه ان يحضر أكل معاه لأنى مش قادرة اعمل حاجة خااااااااااااالص !!! والحمد لله لم يلاحظ شىء بل بالعكس ازداد قلقا على وندما انه سابنى وانا تعبانة !!!

ورجعت للكوافيرة وجدتها بتصرخ لأن الصبغة مازالت على شعرى.... .بس الحمد لله ربنا ستر ولم يطلع اللون بنفسجى !!! بل بالعكس فى صورته النهائية كانت النتيجة مبهرة لم أعرف نفسى بجد فى المراة .....الله يكون فى عونك يا عم عمر !!

ورجعت البيت وانا أشعر انى امرأة جديدة وبيتى هو الاخر جديد وأشعر بانتعاش جميل .......وارتديت طقم كنت أرتديه ايام الخطوبة !! وتزينت و أدرت مسيقى ناعمة فى انحاء المنزل جلست فى انتظاره وكما توقعت جاء قبل ميعاده بنصف ساعة واول ما فتح الباب ورأى التغيير المدمر عاد خطوتين للخلف واتلخبط وكاد يرجع ويصرخ فى العمارة ( شقتى اتسرقت يا جدعااااااااان ) ثم دخل وظل صامتا للحظات وهو يقلب نظره بين الفرش وبينى وهو لا ينطق الا كلمة واحدة :( ايه ده ايه ده ؟!! )

- ثم اخيرا نظر الى باعجاب كبير جدا وقال ( يعنى مش تعبانة ولا حاجة .... طيب القمر دى مراتى ولا حد تانى يا مدام !! )

-........- وأضاءت ملامح وجهه بالسعادة والحب وهو يهمس لى ( يا مجنونة كل ده عملتيه علشانى انا ؟ )

- طبعا انت حبيبى ونفسى أشوفك سعيد معايا ....ان شاالله اهد الدنيا علشان تكون راضى عنى



- ربنا يخليكى لى طووووووول العمر !!!

_________


 

13

- ايه يا مدام سارة انتى بتدلعى علينا ولا ايه ؟

- ليه يا دكتورة ؟

- حمل ايه اللى اتأخر ؟ انتى متجوزة يدوب من كام شهر !! ليه الاستعجال ده يا بنتى؟

- فردت أمى نيابة عنى لما رأت احمرار وجهى ....... ماانتى عارفة زن الناس يا دكتورة خلوها تقلق !!

- بصى يا سارة التحاليل اللى قدامى بتقول انك سليمة مية فى المية ولكن القلق اللى انتى فيه ده ممكن يخلوكى فعلا تتأخرى فى الحمل ....أهدى واطمنى وسيبى كل حاجة بأمر الله



- فرددت بخجل :طيب يعنى يا دكتورة مفيش حاجة تعجل الحمل شوية ؟



- انا مش عاوزة ألخبط الهرمونات عندك وأتعبك بجد ... وبعدين زوجك ما عملش التحاليل ليه ؟

- .........

- رافض طبعا كالمعتاد مش كده ؟! كل الرجالة فى الموضوع ده زى بعض الوزير زى الغفير قليل اوى اللى بيرضى يكشف وبعد ما تكون مراته اتبهدلت !! ربنا يهدي!!



- طيب يا دكتورة أعمل ايه ؟ انا خلاص ح اتجنن !!



- هو انتى لو مفلسة وطلبتى من ناس فلوس صدقة وقالوا انهم ح يدوها لك واتأخروا عليكى .... ح تروحى تخبطى على بابهم كل يوم بالحاح ؟

- لا طبعا !!

- بس انتى بتطلبى من ربنا يا سارة مش من الناس .. ألزمى بابه ولن يردك أبدا ..



وخرجت من عند الدكتورة وأنا فى قمة الارتياح أرتحت جدا نفسيا ان ليس بى عيب يمنع الانجاب ..اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. يكفينى هذا الشعور كى أهدأ .... ولن يقلقنى أحد بعد الان ولو سألنى أحد سأجيبه ( لا تسألنى أنا اسأل الله !!)

لن أقلق أو اتوتر كى لا يؤثر على نفسيتى كما قالت الدكتورة ...طيب وموقف عمر المتخاذل معى ؟ ماذا أفعل معه ؟ أتشاجر ؟أخاصمه ؟ ؟ لا لا لن أفعل كل هذا كى لا أغضب الله وأنا فى أمس الحاجة لرضاه ..... ولا أريد أن أعصى الله بغضب عمر منى لأن ما عند الله لايؤخذ بمعصيته ........وأفقت من سرحانى على صوت أمى تقول لى :



- ما تزعليش يا سارة من عمر ....هم كل الرجالة بياخدوا المواضيع دى بحساسية ....

- ففاجأها ردى : لا ياماما أزعل ليه يعنى هو ده اللى ح يعجل اللى ربنا كاتبه ؟ ... وبعدين انا ماأقدرش أزعل منه أبدا



- فردت بغيظ : طيب يا ستى ربنا يخليه ليكى انا الحق على !!



وجاء عمر ليأخذنى من عند ماما وفى السيارة كان يتوقع منى البوز المتين وانى أتخانق أو حتى أبكى وقصصت عليه ما قالته الدكتورة بكل بساطة وبدون لوم . فصمت طويلا وخجل من نفسه وقال لى: انا اسف يا سارة ....

- .........

- انا مش عارف انا سبتك ليه تروحى للدكتورة مع ماما ؟ بجد انا غلطان حقك على

- - انا فعلا زعلت منك لكن قدرت انك واخد الموضوع بحساسية فخلاص يا سيدى ولا يهمك



- ربنا يخليكى لى يا عمرى ويكملك بعقلك .. وأقول لك حاجة حتى لو خلفنا مش ح أحب ابننا أكتر منك !!

- .........ومرت الأيام التالية وأنا هادئة تماما وأدعو الله ليلا ونهارا وبتضرع وتذلل ولكن باطمئنان ويقين داخلى انه لن يردنى أبدا ولن يتركنى خالية الوفاض ....ولكن أعصابى أبعدها تماما عن التوترواكثرت كثيرا من الصدقات خلاف صدقات حصالتنا الاسبوعية انا وعمر !!



وحماتى العزيزة واصلت بالطبع حملاتها الشرسة ضدى وأنا لا أرد ولا أعيرها اهتمام .....حتى فاض بى الكيل من أسئلتها النارية والمستفزة فرددت عليها ذات مرة بهدوء وأدب حتى أغلق هذا الباب نهائيا :

- واضح يا طنط ان الموضوع ده قالقك أوى وأنا عارفة ان ده من كتر حبك لى !! بس انا بصراحة مش باحب أتكلم في خصوصياتى ..... ده حتى ماما مش بتتكلم فيه خالص تتصورى يا طنط ؟

- .........

- والغريب ان عمر كان جالس فى هذا الحوار ولم يغضب منى كما توقعت !! بل بالعكس ابتسم وغمز لى بعينه وتظاهر انه يقرأ الجريدة كى لا تقتله أمه !!

وأخيييييييييييرا جاء ميعادى الشهرى الذى انتظره على أحر من الجمر والحمد لله لم تتصل حماتى لتسألنى سؤالها الشهرى المعتاد !!



ومر اليوم بطيئا بطيئا دون حدوث شىء !! وكل دقيقة أترقب وادعو الا يحدث !!

ومر اليوم التالى وانا فى عملى ولا أركز اطلاقا الا فى ترقب ما سيحدث ؟ وهل ستتأخر شارة أنوثتى يوما اخر ؟ يارب يارب ..... ومر يومان اخران وانا أكاد أجن من التوتر الممزوج بفرح غامض ....هل يكون حدث ؟ ؟

ولاحظ عمر انى لم أنقطع عن الصلاة كالمعتاد فسألنى بترقب : ايه يا سارة فيه ايه ؟ بتصلى ليه ؟

ولم أرد ان أخبره الا لما أتأكد أولا فضحكت وقلت له : أصلى أشهرت اسلامى قريب !!

وطبعا لم ينخدع بهزارى ولكنه لم يرد أن يسأل هو الاخر كى لا يصاب باحباط !!



وعند مرور خمسة أيام لم أطق الانتظار وبدون أن أخبر أحد اشتريت اختبار حمل منزلى و قرأت تعليماته علامة حمراء واحدة لايوجد حمل وعلامتان اى يوجد حمل ..... وأجريته ومرت الثوانى بطييييييييييئة وانا أغمض عينى كى لا أرى !! وأخييرا امتد اللون الاحمر ببطء ليرسم علامتين ... علامتين ؟ يعنى انا انا ؟ حااااامل ؟

وخرجت من الحمام وهبطت بكامل هيئتى فى سجدة شكر طويلة وبللت دموعى الشاكرة وجهى ولهج صوتى بالدعاء وكل خلية منى ترتعد من فرط السعادة والشكر بهبة الله الغالية التى أودعها جسدى .... كيف أشكر هذه النعمة ؟ وكيف أصونها ؟ وكيف أخبر عمر وماذا تكون ردة فعله ؟ وكيف أخبر الجميع ؟ أشعر انى أريد أن أصرخ فى الشارع وأوقف المارة وأخبرهم انى حااااااااااااامل !!

(


 


 


 


 

14

قـالت سـارة

:

مشاعر كثيرة متضاربة تجتاحني

فرح وسعادة عارمة وخوف وقلق وتوتر وضوضاء جميلة تغمر كل مشاعري

لا أعرف ماذا أفعل ؟

كيف سأخبر عمر؟ وهل سيفرح؟ أكاد أطير من السعادة وارقص من النشوة وأخذت أجري في انحاء الشقة من فرط سعادتي

أريد ان افتح كل الشبابيك والابواب لأصرخ في الجميع ان الله أعطاني رزقا واسعا وجعلني أنثي مكتملة الانوثة

هبطتُ بقوة على الكرسي من كثرة حركاتي الجنونية كما أفعل دائما وأنا ألهث من السعادة.. وتذكرت اني لست وحدي الان بل يوجد من يشاركني جسدي ويقتسم خلاياي وأنفاسي معي ولابد من احترامه واعطاءه حقه بالكف عن هذه الحركات الصبيانية وهمست له: عفوا يا صغيري سأصبح اما حنونا لك من الان

أمسكت التليفون وطلبت أمي ولم تكد تسمع صوتي وهو يرقص من الفرحة وقبل ان اقول شيء صرخت هي: انتي حامل يا سارة مش كده؟

فرددت وانا أضحك: ايه ده هي الجزيرة لحقت ذاعتها ؟ عرفتي منين يا جميل ؟

ضحكت ماما وردت: الف الف مبروك.. هو انتي فاكرة اني مش بأحسب معاكي باليوم ولا ايه ؟ بس ما كنتش بأحب اوتّرك في حاجة مالكيش يد فيها.. الف الف مبروك يا حبيبتي

قلت: الله يبارك فيكي يا ماما

ماما طبعاً مانسيتش توصيني: بس خلي بالك من نفسك وبلاش حركات الجنان بتاعتك والجري والتنطيط ده.. خلاص اعقلي ياسارة ح تبقي أم

همستُ في سري انها لو شافت ماتش الجري بتاعي من لحظات كان أغمى عليها فورا.... طبعا طبعا ياماما ما تقلقيش

كمّلت الوصايا: وخلي بالك من أكلك وحركاتك ونومك.. الخ الخ الخ

وأخذت أمي تسرد وابلا من النصائح في شتي المجالات.. حتى نمت منها على السماعة

ان شاء الله لما أخلف ح أهري ابني نصايح علشان أخلّص تاري

ولكن للحق بعض النصائح النسائية الخاصة لم أكن أعلم عنها شيئا.. ده انا كنت ح أبهدل الدنيا.. ربنا يخليكي لي ياماما

وأجريت مكالمة مماثلة مع حماتي لأنها كانت زعلانة من اخر مرة أخبرتها بذوق الا تتدخل في شئوني الخاصة.. وللحق هي طارت من الفرحة وأسلوبها معي كان أسلوب أم بحق وأشعرتني بحنانها لأول مرة

وأنهيت المكالمة وأخذت أحضر الغداء وفكرت في طريقة أخبر عمر بها

فكرت طويلاً

وأخيرا وجدتها


 

*********



جاء عمر واستقبلته بشكل طبيعي جدا وأنا أكاد أنطق له بالسر في كل لحظة.. ولكني تماسكت وأعددت الغداء في هدووووووووء وجلسنا عادي جدااااااااا وبدأ يأكل

لاحظ اني وضعت طبق وملعقة وشوكة اضافيين.. فسألني في دهشة: انتي مزودة طبق ثالث ليه؟ فيه حد جاي؟

فرددت في غموض: ايوة

عمر: طيب مش تقولي يا بنتي وسايباني اكل كده

أنا: لا مش مشكلة ماهو مش غريب

عمر: مين؟.. ماما ولا بابا ولا حد من أخواتك ؟

فرددت بهدوء يفرس: لأ

قال وقد نفذ صبره: هو احنا في رمضان ولا حاجة؟ ايه الفوازير دي؟ طيب نستنى ولا ناكل؟ انا ح اموت من الجوع

فرددت وانا أبتسم ابتسامة أودعتها كل أنوثتي: لا ياحبيبي كل انت بالهنا والشفا.. ماهو مش معقول أسيبك تستنى 9 شهور

فنظر الى بدهشة وعدم فهم في البداية

ثم نظر اليّ بعدم تصديق

وأخيييييرا نطق وهو غير مصدق: سارة انتي.. انتي.. حامل؟

فهززت رأسي بالايجاب وأنا أتوقع رد فعله ان يقفز من الفرح ويحملني و..و..و

ولكني فوجئت بآخر رد فعل كنت أتوقعه على الاطلاق

رأيت دموع في عينيه لأول مرة في حياتي

كانت أول مرة اراه يبكي

دموع غزيرة شاكرة مبتهلة.. لا أستطيع تصديق هذا أبدا.. كنت أعتقد ان الموضوع لا يشغله مثلي ولكن واضح انه كان يخفي انفعالاته كي لا يزيد همي.. يا حبيبي يا عمر

فقمت من مكاني واحتضنت رأسه وأخذت أمسح دموعه وأنا أقبل رأسه وأبكي انا الاخرى وأخيرا تمالك نفسه وابتسم وقال لي: خلاص بقى ايه الغم ده.. الف مبروك يا حبيبتي.. كده برضه مش تقوليلي من اول ما دخلت ولاّ تكلميني على الموبيل.. يا قلبك يا شيخة

فضحكت وانا أسأله: يعني فرحان يا حبيبي؟

رد عمر وقال: بجد احساسي لا يوصف.. ياه ده انا كنت قلقان بشكل وكنت أدعو الله ليلا ونهارا.. بس كنت مش بارضى أقولك علشان ما أزودش توترك.. يالاّ ياسارة قومي اتوضي ح نصلي صلاة شكر جماعة على الهبة العظيمة اللي ربنا وهبهالنا

وصلينا أنا وهو.. وأخذ يدعو وأنا أؤمن على دعاؤه وأرتجف في داخلي من دعاءه العميق المبلل بدموعه الشاكرة المبتهلة وهو يشكر الله على عطاؤه الكريم ويصفنا في الدعاء انا وهو لأول مرة بالأب والأم وليس بالزوج والزوجة.. ويسأل الله ان يحفظ لنا وليدنا ويشب في طاعة الله ولا يمسه الشيطان أبدا



*********

فرغنا من الصلاة وجلسنا انا وهو على الأرض على سجادة الصلاة وكأننا لا نريد ان نخرج من روحانية الصلاة والدعاء

ورأيت عمر يتأملني بحب وهويهمس لي: الف مبروك يا حبيبة قلبي.. لو تعرفي غلاوتك زادت عندي ازاي ؟

قلت في سعادة: ياسيدي يا سيدي على الحنيّة.. ايه الهنا اللي انا فيه ده؟

عمر: لا والله صحيح.. دلوقتي انا حاسس ان انا وانتي بقينا عيلة بجد.. بس لازم ياسارة نشكر النعمة الكبيرة دي.. حاولي تحافظي على نفسك وبلاش الجري والتنطيط ده يامدام مفهوم ؟

أنا: يييييييييييييه انا سمعت الفيلم ده من ماما من شوية.. وايه كمان ؟

عمر: بصي يا قمر.. فيه حاجة مطلوبة منك طول فترة الحمل تعمليها علشان ابننا ان شاء الله يكون زي ما بنتمنى

أنا: ايه هيّ ؟

عمر: عاوزك يا ستي ما تسمّعيش ابني غير قرآن طول فترة الحمل.. انا قرأت كتير ان ده بيؤثر جدا على نفسية الجنين وبيخليه بعد كده متعلق جدا بالقران.. عاوزك طول مانتي فاضية تقرأي قرأن وبصوت مسموع علشان يشعر ويتأثر بيه.. عاوزك تختمي المصحف كل شهر لو قدرتي.. اتفقنا ؟

بهرني طلبه فأجبت بدون تردد: اتفقنا

أضاف قائلاً: وفيه حاجة كمان.. الحصالة بتاعتنا الخاصة بالصدقات.. من النهاردة سنضع للأستاذ فيها نصيب يومي.. مش برضه راجل ولا ايه؟

أنا: اه راجل طبع ده حاليا في حجم الزيتونة هو فيه حد قده.. ماشي ياسيدي فيه حاجة تاني؟

عمر: لا خلاص.. قومي بقي علشان أفسحك بالمناسبة السعيدة دي وأشتريلك هدية حلوة.. ولا ح تعملي لنا فيها حامل ودايخة والحوارات دي؟

أنا: لا ياعم.. حامل مين انت بتصدق؟.. حالبس في ثواني بس انت ماتغيرش رأيك ...حتوديني فين يا ابو العيال ؟

ضحك على اللقب وقال: المكان اللي تشاوري عليه يا أم عتريس.. بس الأول انا كنت ندرت ان لما ربنا يكرمنا بابننا ان اول مكان نروحه انا وانتي وهو يبقي للجامع.. موافقة نروح نصلي ركعتين ونطلع مبلغ صدقة لله ؟

أنا: طبعا موافقة جدا جدا جدا جدا



*********


قــالت ســارة:مر أكثر من شهرين على
الحمل

احساس لا يوصف لا
يضاهيه احساس اخر

كنا ونحن صغار نفرح ببعض حبات الفول عندما نزرعها بأيدينا
ونراقبها بالساعات وهي تكبر شيئا فشيئا ونغضب عندما يتخلص منها أحد الكبار كالمعتاد
وكأنه قتل جزء منا

الان هذا الاحساس
اشعر به ولكن بداخل جسدي

نبضا صغيرا ينمو خلية خلية بداخلي

يتنفس من أنفاسي
ويقاسمني الطعام.. ويفرح معي ويحزن معي

رغم اني لا أشعر بحركته بعد ولا بطني
انتفخت لكن أشعر به في كل لحظة كيانا داخل كياني

رغم ما أعانيه من تعب وارهاق
كبير جدا من دوار مستمر ورغبة دائمة في النوم الذي لا ينتهي ورؤية الطعام كالعدو
اللدود وما يصاحب هذا من خناقات مع عمر وماما لي كي آكل رغما عن أنفي.. لأني بقيت
اتنين دلوقتي مش واحد

لكني أشعر اني
أصبحت انسانة مختلفة في كل شيء

مزاجي مختلف

أتوتر بسهولة
شديدة

أقلق
سريعا

وللأسف أصبحت
عصبية لدرجة لم أكن أتخيلها

لم أربط بين هذه التغيرات وبين الحمل الا عندما
رأتني صديقتي في العمل أسبب مشكلة لا داعي لها من عصبيتي الزائدة.. فأخبرتني أن
كثير من النساء يؤثر عليهم الحمل مثلي.. وقرأت في هذا الموضوع لأجد بعض حالات تتغير
مزاجاتهم وشخصياتهم تماما في فترة الحمل

ماشاء الله انا أولد من هنا وأروح
السراية الصفرا عدل

*********

قــال عمــر:سارة أصبحت عصبية جدا الأيام
دي

لا تطيق كلمة حتى
ولو هزار وتقلب الموضوع خناقة وحدوتة.. وأنا مقدّر تغيرها من الحمل ولا أحاول أن
أعقد الموضوع.. وأصدقائي يؤكدون لي أن هذا شيء عادي ويقصون لي حواديت على الجنان
الأصلي اللي شافوه على يد زوجاتهم في فترة الحمل

لكن بجد تعبت ووحشتني سارة
حبيبتي الوديعة التي تغفر لي كل أخطائي وأتمتع بأنوثتها ورقتها.. لكني أعذرها فهذه
ليست طباعها الأصلية ولابد أن أتحملها فهي تحمل ابني الذي أتمناه من الله

ربنا
يهديها قبل ما أتجنن أنا

*********

قــالت ســارة:أنا بجد زهقت من كتر النصايح اللي
باسمعها ليل ونهار من جميع البشر

لازم تاكلي
كذا

ولازم تنامي
بالطريقة دي

ولازم تمشي
كده

ولازم ولازم
ولازم

وكأن الحامل دي انسانة فاقدة العقل ومستنية بنات الصين يقولولها تعمل
ايه

وأكبر مشكلة بتواجهني في الحمل هي شغلي.. انا كنت قادرة أوفّق بالعافية بين
الشغل والبيت لكن دلوقتي بجد تعبت

صحتى ضعفت من الحمل وهي أصلا ضعيفة والمشوار
المحترم الذي باخده كل يوم يكاد يميتني من كثرة المطبات التي أشعر أنها تسحب روحي
معها

ولكن ماذا أفعل ؟

أنا عمر لا نستطيع أن نستغني عن عملي في الوقت الحاضر
من الناحية المادية.. وحتى لو استطعنا.. فأنا لا أتخيل نفسي ربة منزل أصحي الظهر
وأرغي في التليفون في آخر وصفات الطبيخ وأخبار العيال أشعر بالأختناق من مجرد
الفكرة.. ولا أريد أن أفكر فيها

لكني في نفس الوقت
خايفة على البيبي وحاسة بالذنب مما أعرضه له

...
يارب ساعدني

*********

قــال
عمــر:غريبة أول مرة أدخل البيت ولا تستقبلني سارة
كالمعتاد

سارة.. سارة.. انتي فين يا حبيبتي ؟

جاءني صوتها ضعيفا من حجرة
النوم فطرت عليها وأنا أرتجف من الخوف.. فوجدتها مازالت بملابس الخروج.. شاحبة ولون
وجهها يحاكي وجوه الموتى

جريت عليها وأنا أصرخ: مالك يا سارة فيه ايه؟


فردت بضعف: الحمد لله.. أنا كويسة ما تقلقش يا عمر

قلت بلهفة: كويسة؟ ايه يا حبيبتي ده.. انتي بتموتي!! ايه الى
حصل؟ ردي على بسرعة؟ ولاّ أقولك.. حاجيب ليكي مسكّن وعصير تشربيه الأول وارفعي
رجليكي على المخدات دي علشان تفوقي شوية

*********

قــالت ســارة:أخذتُ الدواء وشربت العصير وشعرت أني
أفضل حالا مما كنت عليه فشكرت عمر وقلت له: أنا

كويسة ما تقلقش


قال لي: الف سلامة عليكي يا حبيبتي.. ايه اللي حصل؟

رديت: مفيش حاجة.. وأنا راجعة من الشغل وراكبة المواصلات
السوّاق عمل حادثة وخبط في عربية كانت قدامه وعمل اهتزاز عنيف في عربيتنا طبعا.. لدرجة اننا وقعنا من على الكراسي وبعدها حسيت اني دخت جدا.. وحسيت بمغص جامد أوي
والم حاد في ظهري من الوقعة.. لكن الحمد لله.. انا كويسة دلوقتي والبركة في ربنا
وبعدين فيك

سمعني عمر وأنا أحكي الموضوع بمنتهي البساطة وهو يغلي من الغيظ فرد
بعصبية: يعني ايه كويسة كنتي ح تموتي انتي واللي في بطنك وتقولي كويسة ؟


قلت بسرعة: ما تكبرش الموضوع يا عمر مفيش حاجة ؟

رد بعصبية: لا طبعا فيه.. لما تصري على شغلك وانتي كل يوم
بتركبي ميت عربية وانتي حامل يبقي فيه الف مشكلة.. انا كام مرة قلتلك بلاش الشغل
ده؟ كويس كده لما يحصل لك اجهاض ؟


فرددت باستفزاز: يعني انت خايف على اللي في بطني مش على انا ؟


قال: والله من حقي اني أخاف وأنا شايفك بتستهتري بيه كده.. ده ابني برضه

فجننت من رده وصرخت: باستهتر؟ هو انا كنت رايحة السينما ولا
النادي؟ مش الشغل؟ وبعدين مرتبي ده بأعمل بيه ايه؟ باشتري بيه ماكياج وبرفانات ولا
كله على البيت وبأساعدك في مصاريفه ؟ وفي الاخر تقول لي بتستهتري ؟

فصرخ فيّ: هو انتي كل ما تتكلمي تقولي لي انا بأصرف وبأساعدك؟
طيب ايه رأيك بقي ده اخر يوم ليكي في الشغل؟

فرددت بعند
هائل لا
أعرف من أين أتاني: مش ممكن طبعاً

فجن من
ردي وأصبح انسان آخر: مش ممكن؟!! يعني مش بتسمعي كلامي؟!! طيب يا سارة لما
أشوف كلامي ح يتنفذ ولاّ لأ ؟ اختاري دلوقتي حالا.. ياأنا يا الشغل

تملّكني
الشيطان تماما وأعماني الغضب وأنا أنفجر فيه بطريقة لم يسمعها مني من قبل: الشغل يا
عمر!! ايه رأيك بقى؟ انا خلاص زهقت من أوامرك وتحكماتك فيّا كانك اشتريتني.. زهقت
من حياتي كلها ومش قادرة أستحمل أكثر من كده.. ونفسي أسيب البيت ده اللي أنا حاسة
اني جارية فيه مش انسانة بتحترم طموحها ومستقبلها وأرجع بيت أهلي اللي كنت ملكة
فيه

رد عمر بذهوووول: اييييييييه؟ بتبيعيني يا سارة؟
وكمان عاوزة تسيبي البيت؟ على العموم انتي حرة بس افتكري انتي اللي بعتيني وانا مش
ح اشتريكي

لم أستطع الانتظار أكثر من هذا وأحسست ان كرامتي ذبحت فقمت ارتديت
طرحتي وخطفت حقيبة يدي وجريت على باب الشقة وعمر ينظر لي ولكنه صامت لا ينادي
عليّ.. فألقيت عليه نظرة أخيرة وتركت بيتي وأغلقت وراءي الباب
بعنف


 

*********

لا أعرف حتى الآن
كيف وصلت بيت والدي؟

أكيد كان كل
الشارع بيتفرج عليّا !!وسواق التاكسي اللي ركبت معاه كان رجل عجوز وطيب أخذ يهدأ
فيّا وهو يراني أبكي بحرقة دون أن يعلم بما حدث.. ولكن واضح أن شكلي كان في منتهى
التعب والبهدلة

كده برضه يا عمر أهون عليك أسيب البيت؟ وحتى لا يكلف نفسه أن
يبقيني أو يتحايل عليّ..الله يسامحك

واضح ان الحب اللي كان بيقولّي عليه كله
كلام في كلام

خلاص.. أنا كمان ليّا أهل ياخدوا لي حقي علشان يعرف قيمتي

*********

قــال
عمــر:حتى الآن لا أستطيع تصديق ما حدث

سارة تسيب
البيت؟

 
وليه ده كله؟.. انا مش شايف اني غلطت في حاجة

هيّ اللي قعدت تصرخ زي
المجانين وتذلّني كل دقيقة انها بتساعدني في البيت

دي حاجة خلاص
تجنن

مش قادر استحمل الذل ده بعد كده.. لا وكمان تبيعني وتختار الشغل وتسيب
البيت وفاكراني حاجري وراها

لأ خلّيها.. ولمّا
تعرف قيمة بيتها وزوجها ح ترجع لوحدها وغصب عنها كمان


 

*********

15

قــالت ســارة

:

عندما وصلت لباب بيت والدي أحسست أني أفقت من نوبة الجنون التي كانت تتملكني وكأن انسانة أخرى هي التي كانت تتحدث وتصرخ

أحسست أني هدأت وأفقت وترددت هل أضرب الجرس أم لا.. معقول.. طيب أرجع؟ وحيبقي شكلي ايه امام عمر ؟

طيب ازاي ح أحكي لماما وبابا وأخواتي والدنيا كلها مشاكلي مع عمر بهذه البساطة؟ بس هو باعني وغروره منعه انه حتى ينده عليّا

انهمرت دموعي ثانية عندما تذكرت هذا ورننت الجرس

صرخت أمي عندما رأتني في هذا الحال المرعب.. شاحبة منهكة عيناي مصبوغة بلون الدم ووجهي متورم من كثرة البكاء.. وقالت: ايه يا سارة يا حبيبتي مالك ؟ فيه حاجة حصلت للبيبي ؟

فقلت في سري هو كل الناس بتسأل على البيبي وانا اتحرق؟.. ولم أستطع الرد ودخلت البيت وارتميت على أقرب كرسي وجاء أبي واحتضنني وهو يقرأ على رأسي آيات من القرآن ويهدهدني كالطفلة الصغيرة

اه لو يعامل كل رجل زوجته كأنها ابنته لعاشت النساء في الجنة.. وكأنه علم ما بي بدون أن يسأل فأمر أمي أن تأخذني غرفتي القديمة لأستريح.. هكذا بدون أن يسألني سؤال واحد بعكس أمي التي انهالت عليّ بالأسئلة من ساعة ما دخلت الشقة

ودخلت غرفتي القديمة وأحسست بغربة أول ما دخلتها.. وللحظة شعرت ببرودة شملتني واشتقت لدفء شقتي

كيف أشعر هكذا وهذه هي غرفتي التي ضمتني لأكثر من عشرين عاما.. سبحان الله .. وأفقت على صراخ أمي لي: ياسارة وقّعتي قلبي قولي ايه اللي حصل؟ انتي اتخانقتي انتي وعمر ؟

قلت: ايوة يا ماما وسبت له البيت

فدقت على صدرها بجزع وقالت لي: ليه كده يا بنتي؟.. هو فيه واحدة عاقلة تعمل كده؟ طيب انا متجوزة أبوكي من 25 سنة عمرك شفتيني سبت له البيت ومشيت؟ هو ده اللي انا علّمتهولك ؟ 

فوجئت بموقف أمي المهاجم وكنت أتخيل أنها ستصب جام غضبها على عمر واضطررت أن أحكي لها كل شيء.. وانتظرت رد فعلها فسكتت طويلا وردت على بهدوء: عاوزة رأيي؟.. انتوا الاتنين غلطانين وانتي غلطانة اكتر

فرددت بغضب: ليه بقي؟.. يبقي انا عاملة حادثة وبأموت وييجي يزعق لي ويهددني كمان

قالت ماما: اهدي يا سارة يا حبيبتي؟؟ انا ح أقول لك انتي غلطانة ليه.. اولا علشان سيبتي بيتك.. وثانيا لأنك من أول الحمل وانتي عصبية جدا ومش بتطيقي كلمة واحدة فكبرتي الموضوع بدون داعي.. انا عارفة ان ده غصب عنك بس لازم تهدي شوية.. وكمان انك كل شوية تقوليله باساعدك باساعدك ودي حاجة تجرح كرامة أي راجل فعاند معاكي هو كمان

قلت أنا: ياسلام.. يعني طلعت انا اللي غلطانة وعمر باشا هو الغلبان المظلوم

قالت ماما: لا يا ستي.. هو كمان غلطان انه عاند معاكي وانه سابك تنزلي وانتي زعلانة كده.. بس انا مش عاوزة أتدخل علشان ما أكبرش الموضوع.. اقعدي ارتاحي شوية وبعدين ارجعي بيتك علشان الموضوع ما يكبرش

فنظرت لها بذهول وقلت: إيه؟ أرجع بيتي كمان؟.. انتي اللي بتقولي كده ياماما ؟!! يعني عاوزاني أرجعله وكرامتي تتبهدل أكتر من كده؟ طيب أروح فين يا ربي انتو كمان مش عاوزني في بيت أبويا؟

فنظرت اليّ أمي باشفاق وكأنها تنظر الى مجنونة وقالت لي بحنان: طيب يا حببيتي ارتاحي شوية وربنا يحلها من عنده ان شاء الله

وارتميت في حضنها وبكيت مرة أخرى

*********

قــال عمــر

:

البيت وحش أوي من غير سارة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليه كل ده ؟ طيب أتصل بيها ؟

لا.. مش ممكن.. دي جرحتني وباعتني في لحظة.. وكل شوية تمنّ عليّا انها بتساعدني.. أنا مش عارف ايه اللي جرى بس

طيب أروح لها بيت والدها؟ لا ده كده تبقى هي اللي غلطت فيّا وأهانتني وكمان أروح أصالحها؟ ده أنا ماأقدرش أبص في عينيها تاني

خلاص هي اللي سابت البيت يبقى هي اللي ترجعله لوحدها

*********

قــالت ســارة

:

استيقظت من نومي المتقطع لأشعر أني لم أنم.. وانما كنت أحارب من أحلامي المزعجة التي رأيتها.. وأول ما استيقظت نظرت على الموبيل لأري هل عمر اتصل بي أم لا؟ وحزنت عندما لم يحاول الاتصال ولا أرسل حتى رسالة اعتذار

ما أصعب أن يجرح الرجل كرامة حبيبته والاصعب انتظارها حتى يرد لها كرامتها

ماذا أفعل الآن ؟ ماذا لو لم يأتي عمر لصلحي؟ هل سأعود وحدي ؟ لا يمكن

أخيرا عرفت ماما ليه ماكانتش بتسيب البيت مهما زعلت مع والدي كي لا تضع نفسها في موقفي المحرج

وخرجت الى الصالة لأجد جميع أفراد أسرتي ينظرون اليّ باشفاق وخجلت من موقفي وحاول أبي التسرية عني ومداعبتي ولكني سمعت صوت أمي عاليا تتحدث تلفونيا في الصالون فدخلت عليها كالسهم وظننتها تتشاجر مع عمر.. وياليتها فعلت فقد وجدتها تتحدث مع حماتي

ياللكارثة.. انقلب الموضوع لحرائق بالطبع.. واضح ان حماتي تسدد كلمات نارية لأمي وانها كالمعتاد تلقي اللوم عليّا

كده يا عمر لحقت قلت لها ؟!! طيب ما انا كمان قلت لماما اشمعنى هو يعني اللي حيطلع عاقل؟

وأخيرا ألقت أمي السماعة بعنف وهي تغلي من الغضب وتقول: انا غلطانة اللي كلمتها علشان تهدي الموضوع دي عاوزة تخرب البيت وخلاص.. قال وبتقول عليكي انك متدلعة ومش مهتمة ببيتك ولا جوزك قال وانا اللي كنت بأقولك اخزي الشيطان وارجعي بيتك.. طيب لو البيه ابنها ماجاش يصالحك ويبوس على راسك كمان عمره ما حيشوفك تاني وحيشوف شغله معايا انا

سألتها: هوّ عمر اللي اشتكي لها مني ولا انتي اللي قلتيلها ياماما ؟

ردت: لا يا ستي انا اللي قلتلها.. هو ما قالش حاجة

فرددت بندم وانا اغالب البكاء: ربنا يخليكي ياماما

*********

قــال عمــر

:

سألت أمي وأنا أكلمها في التلفون: ليه يا ماما بس تقولي لأم سارة الكلام ده كله ؟ هو أنا عمري اشتكيتلك منها ؟

ردت وقالت: هو انت من ساعة ما اتجوزت وانت بتحكيلي على حاجة خالص؟ بقى مراتك تغضب وتسييب البيت وأنا ماأعرفش؟ وكمان زعلان اني رديت عليهم؟

قلت: ياماما حضرتك كده كبرتي الموضوع وانتي عارفة سارة قد ايه محترمة وبنت ناس.. بس هي الحمل اللي تاعب أعصابها شوية

ردت بغضب بالغ من دفاعي عن سارة: أنا اللي كبرت الموضوع ؟! والمحترمة بنت الناس اللي سابت بيتها وراحت اشتكتك للناس ما كبرتش الموضوع؟

لم أستطع الرد عليها وقلت في سري: كده يا سارة تصغريني قدام الكل ؟

ورديت على ماما وقلت: ياماما حقك على بس حضرتك كده خلتينا احنا كمان غلطانين.. وانا دلوقتي مش عارف أعمل ايه ؟

قالت بعنف: روح صالح ست الحسن والجمال بتاعتك

وأغلقت السماعة في وجهي

لا اله الا الله.. أعمل ايه أنا دلوقتي في المصيبة دي؟.. العيلتين وقعوا في بعض كل ده من دلعك يا ست سارة

بس ماما خلتني لازم أعتذر لها عن كلامها اللي قالته.. كمان لازم ماأوطيش لها علشان تعرف انها هي اللي غلطانة واحاسبها انها طلّعت أسرارنا للناس

طيب أروح ولاّ ما أروحش ؟

أنا لم أنم لحظة من ساعة ما سابت البيت امبارح.. وكأنها أخذت الحياة معها وتركت البيت قبرا.. خلاص أنا أعمل كلام ماما ده حجة اني أصالحها.. رب ضارة نافعة.. بس برضه حاعرّفها أنا مين

*********

قــالت ســارة

:

كده يا عمر أهون عليك؟ تسيبني يوم وليلة كاملين من غير ما تسأل عليّا ولو بالتليفون؟.. وكلام حماتي اللي يحرق الدم

بس بجد أنا اللي غلطانة أهو دلوقتي حماتي مش طايقاني وماما مش طايقة عمر

انا فعلا اللي غلطانة جدا اني سبت بيتي

ياما مرت علينا أنا وعمر خناقات أصعب من دي وكنت بأخاصمه شوية وكان دايما هو اللي بيصالحني حتى لو انا اللي غلطانة.. كويس كده الرمية اللي انا مرمياها دي؟

طيب لو ركبه العند زيادة حاعمل ايه ؟ 

أنا عرفت ليه دلوقتي ليه طاعة الزوج ربنا وصي عليها لدرجة الا تسجد المرأة لمخلوق بعد الله الا لزوجها

سبحان الله.. ربنا عمل كده علشان يصون كرامة المرأة وليس الرجل وحده.. بأن يجعلها مصانة في بيتها ولا تكون ضيفة ثقيلة على الناس وتنشر أسرارها للجميع

والله أشعر اني عرّيت نفسي أمام الكل.. وزوجي هو الوحيد ستري وعزي وكرامتي

حتى الأهل حبهم من النوع المدمر الذي يبحث عن كرامة البنت وليس عن بقاء بيتها.. وأنا كان ممكن أُشعر عمر انه غلطان بألف وسيلة وأنا في بيتي بدون الجنان اللي عملته ده.. هوّ يعني البنت قبل الجواز بتسيب بيت والدها لما تزعل؟

يارب سامحني لن أفعلها أبدا مهما حدث

واخذت أستغفر الله كثيرا وأدعوه أن يحل هذا الوضع المعقد.. حتى جاءت اجابة دعائي أسرع مما توقعت

جاءني نداء أختي الصغيرة اليّ مثل نشرة الاخبار: أبيه عمر جه يا أبلة سارة وحاطط برفان كتير أوي

فقفزت من السرير وأنا أشعر أن كل جزء في جسدي يرتعش ويرقص.. يا حبيبي يا عمر ماقدرش على بعدي.. أحمدك يارب

غيّرت ملابسي بسرعة وغسلت وجهي الذابل من كثرة الدموع وخرجت بسرعة قبل أن تتشاجر معه أمي


 


 

**********

15


 

قــال عمــر:

خفق قلبي بقوة عندما رأيت سارة تدخل الصالون كما كنت أفعل حين أراها أيام الخطوبة

يا حبيبتي يا سارة.. واضح انها لم تنم مثلي ووجهها متعب جدا.. لن أغضبك أبدا يا حبيبتي.. وقطعت حبل أفكاري لأسترد وعيي ولأقول للجميع ما نويت عليه: أنا جاي النهاردة علشان أعتذر عن الكلام اللي قالته والدتي ليكم.. وأنا باعتذر النيابة عنها لأني لا أقبل المساس بكرامة سارة لأن كرامتها من كرامتي.. بس أنا جاي علشان كده.. وبعد اذنكم استأذن لأن عندي مشوار مهم*********

قــالت ســارة:

قفز قلبي بين ضلوعي من الرعب.. ألن يصالحني عمر؟ طيب وبعدين؟..هل يمشي حقا ؟

همت والدتي أن تلقي عليه مدفعية من العيار الثقيل.. وما أن فتحت فمها حتى عرف أبي نيتها وعلم أنها ستشعل الوضع فقاطعها بصوت حازم ايه يا حاجة مش حتعملي قهوة للباشمهندس ولا ايه؟

ونظر لأمي نظرة نارية جعلها تنسحب في صمت ثم استأذن هو الآخر ليجري مكالمة تليفونية طويييييييييييلة.. ربنا يخليك لي يابابا

نظرت الى عمر من طرف خفي بشوق آه كم أعشق هذا الرجل وكم كبر في نظري عندما اعتذر عن كلام والدته السخيف أنا فعلا غلطانة غلطانة غلطانة وأخيرا تكلم عمر ونظر اليّ بعتاب كبير لم أره من قبل: كويس كده ان الناس بتتفرج علينا؟ وانتي اشتكتيني للجميع وأنا لم أحكي حتى لأمي ؟

أنا: .........!؟

عمـر: أنا فعلا غلطان اني زعقت وكبرت الموضوع بس انتي بعتيني وسبتي البيت وانا مش ح انسي ده أبدا رديت عليه هذه المرة: أنا غلطانة فعلاً..بس أنا متعودة منك أنك تحتويني وتطبطب عليّا.. فجأة لقيتك بتهاجمني وانا ميتة من التعب.. اتجننت.. أعمل ايه ؟ ووالدتك كمان قالت كلام رهيب رد بعصبية: خلاص أنا اعتذرت عن كلامها أعمل ايه أكتر من كده؟ بس لازم تعرفي اني مش ح اسمح بالوضع ده تاني.. لو عاوزة تزعلى مني ابقي اقفلي على نفسك أوضة النوم واعتبري نفسك سبتي البيت.. مش نفرّج علينا الناس كده؟

رددت بخجل وقد بدأت دموعي تنساب: خلاص انا كمان غلطت يا عمر

لانت ملامحه برقة وقال لي بحنان: طيب ايه لازمة الدموع دي دلوقتي؟ ما تعيّطيش علشان ما تتعبيش يا سارة.. وبعدين كده أهون عليكي وتسيبيني لوحدي؟

فهممت أن أعاتبه ثانية فدخل والدي وهو يبتسم ابتسامة حنون وكأنه سمعنا وقال لي: يالاّ يا سارة من غير مطرود قومي البسي هدومك علشان تروحي مع جوزك يا حبيبتي.. ومش عاوزين نشوفكم هنا الا مع بعض.. مفهوم ؟

********* قــالت ســارة :

وأخيرا دخلتُ بيتي وكأني تركته من عشر سنين.. شعور رائع بالدفء غمرني عندما أحاطتني أركانه كم كنت غريبة خارجه.. لن أتركه ثانية ان شاء الله

والتفت الى عمر وأنا أتوقع خناقة طويلة أو أوامر لا حصر لها لأنه لم ينطق بكلمة في السيارة طوال الطريق وشكله ينذر بعاصفة لا حدود لها.. ونظرت له صامتة أنتظر ما سيقوله انتظرت طويلا حتى رفع رأسه لي أخيرا وقال لي جملة واحدة بحزم رهيب: أنا مش ح أسمح باللي حصل ده انه يتكرر تاني.. ولو مش عاوزة تسمعي كلامي بعد كده في أي موضوع يبقي مفيش لازمة نكمل مع بعض ثم تركني ودخل غرفته الصغيرة التي تحتوي على سريره القديم وهو شاب.. ولم يدخل غرفة نومنا ذهلت من عبارته لقاسية وارتجفت من القلق..لم أتخيله غاضبا الى هذا الحد لقد اعتدت منه على الغضب ثم الصفاء السريع ثم يبادر هو لصلحي حتى لو كنت مخطئة اعتدت على حنانه حتى تماديت في عنادي والآن أدفع الثمن

لم أجرؤ ان أدخل وراءه وأناقشه وتركته ليهدأ.. ودخلت غرفة نومي وحاولت النوم قليلا ولم أستطع فالغرفة بدونه كأنها غرفة في الاسكيمو عرفت الآن لماذا جعل الله الهجر في المضاجع وسيلة لتأديب الزوجة ومرت أيام ونحن على هذا الحال لا يكلمني الا كلمات معدودة ولا ينظر الى عيني وهو يحادثني آه ما أقساه من عقاب وحاولت مرارا أن أفتح معه الموضوع لأشعره أني أخطأت واني كنت متوترة من الحمل واني لن أفشي أسرارنا ثانية أبدا.. بلا جدوى كان لا يسمع ويجعلني أصمت بحزم واضح.. حاولت اثناءه عن النوم في غرفة أخرى بلا فائدة.. وكان يعود يجدني متزينة ومتعطرة ولكن كأني ألبس طاقية الاخفاء

ماذا أفعل ياربي ؟

ومازاد المشكلة ان ماما زعلانة مني اني رجعت منزلي دون أن أجعلها ترد لي حقي وتقتلّي عمر وأمه.. وطبعا حماتي لا تتصل أبدا وشعرت انها هي الأخرى زعلانة من عمر ومني طبعا يعني احنا كده كلنا عاوزين مجلس الأمن يصالحنا مع بعض

*********

قــال عمــر

:

لابد أن تعلم سارة اني لا أقبل ان

تستهين بي ولابد أن تسمع كلامي.. الظاهر

اني دلعتها كتير وهي اتعودت على كده

لابد من وقفة حتى تستقيم الأمور

بس كده انا حاسس اني بأقسو عليها جدا..

لا والله.. لا يمكن تكون قسوة فالرسول صلي

الله عليه وسلم اعتزل زوجاته في المسجد

عندما أثقلوا عليه في أمور الغيرة والاختلافات

الصغيرة حتى عادوا الى سابق عهدهم

بس هيّ صعبانة على جدا ووحشاني جدا جدا

لااااا.. اجمد ياعمر باشا وكمل دور سي

السيد واستحمل النوم على السرير السفاري

الجبار ذو المرتبة الفولاذية لحد ما ربنا

يسهل

*********

قــالت ســارة

:

طيب الشغل وأخدت أجازة منه.. وكلام وبأحاول

أكلمه.. أعمل ايه تاني؟

الظاهر اني غلطت لما صالحته.. خلاص هو حر

انا عملت اللي عليّا.. عاوز يزعل براحته

بقى

بس هو حبيبي برضه وبافتكر لما بأكون أنا

زعلانة منه بيعمل ايه علشان يصالحني.. يبقى

انا ماأتعبش نفسي شوية علشان أصالح حبيب

عمري؟ امال أتعب نفسي علشان مين؟

أعمل ايه.. أعمل ايه؟ واخذت أفكر وانا

ألعب على الكومبيوتر لقطع الوقت حتى يأتي

عمر

ووقعت عيني على الطابعة وأنا ألعب.. وفكرت

أن أكتب له جواب اعتذار وأشرح فيه مشاعري

له.. ولكني وجدت فكرة أفضل

أخذت أكتب كلمة أنا آسفة بكل اللغات التي

أعرفها: آسفة بالعربي وسوري بالانجليزي وباردون

بالفرنساوي و أيّوووه حقك علينا يا جدع

بالاسكندراني ومعلهش بالصعيدي

وأخذت أطبع من هذه العبارات الكثير وطبعا

لم أنسي أن أكتب عبارات جميلة مثل: والله

العظيم باحبك..و: ما كنتش أعرف انك قاسي

كده..و: طيب أهون عليك؟

وكتبت لوحتين كبيرتين علقت واحدة على باب

حجرة نومه الصغيرة التي أكرهها وكتبت عليها:

ممنوع الدخول

والأخرى على باب غرفة نومنا معا وكتبت

عليها: الاتجاه اجباري

وأخذت أعلق كل هذه الأوراق في كل مكان..

أكيد حيقول عليّا مجنونة لما يشوف المهرجان

ده كله.. بس يمكن الجنان يصلح الشرخ اللي

حصل بيننا

وانتظرت عمر طويلا حتى جاء.. وطبعا ذهل من

دار النشر اللي أنا عاملاها في البيت

ونظر اليّ وابتسم ابتسامة عريضة لم أرها من

أيام طويلة.. فجريت اليه وتعلقت برقبته

كالطفلة الصغيرة وهمست في أذنه: مش ح اعمل

كده تاني.. أنا ماأقدرش أعيش وانت زعلان

مني كده

ضمني اليه وقد زال كل غضبه وجلسنا وقال

أخيرا وهو يبتسم: انتي حتفضلي مجنونة كده

على طول؟ كل ده عملتيه علشان تصالحيني ؟

قلت بدلال: يعني انت مش زعلان مني.. مش

كده؟

قال: أنا مقدرش أزعل منك خلاص.. بس لسه

فيه نقطة صغيرة.. موضوع الشغل ده انا مش

ح أرجع في كلامي فيه.. لا يمكن أعرضك

للخطر انتي وابني تاني.. انتو الاتنين أغلى

حاجة عندي.. اتفقنا؟

هممت بالاعتراض ولكني لم أستطع وقلت على

مضض: حاضر بس أنا ما اتعودتش على قعدة

البيت يا عمر.. بجد ح أموت من الملل

وبعدين حنلاحق على مصاريفنا منين يا حبيبي؟

قال: بصي.. أنا فكرت في حل يريحنا كلنا..

بس ادعي ربنا انه يحصل.. فيه واحد عندنا

في الشركة كل شغله انه يرد على العملاء

من خلال الايميلات وانه يجري أبحاث على

النت ليحصل على أفضل عروض للشركة من خلال

مقارنة مواقع الشركات الثانية بشركتنا.. يعني

كل شغله على الانترنت وكتير ماكانش بييجي

ويبعت التقارير دي من البيت..لأنه بيؤدي

المطلوب منه وخلاص لأن وجوده في الشركة غير

ضروري.. هوّ الأيام دي جاي له عقد عمل

في الخليج وبيفكر جديا انه يوافق عليه..

فلو ده حصل ح أحاول أقنع المدير انه

يسلم الشغل ده ليكي تعمليه من البيت.. وح

أقنعه انك ولا بيل جيتس في زمانه هو

صحيح راتبها أقل من مرتبك القديم.. بس ح

تترحمي من بهدلة المواصلات.. قولتي ايه ؟

أقول له ولا انتي مش موافقة؟

رددت بفرح كبير: مش موافقة!!؟ دي وظيفة

تجنن.. بس يارب صاحبك يسافر والمدير بتاعك

يوافق.. بس مين ح يعلمني الحواديت دي

كلها؟.. انا بأعرف أشتغل على الكومبيوتر والنت

كويس بس ما أعرفش العملاء والمنافسين والأفلام

دي؟ مين اللي ح يعلمني ؟

وكان رده جاهز على طول: انا ياحبيبة قلبي


**************



 


16

قــالت ســارة

:

بدت صالة منزلنا المتواضع مثل ساحة القتال.. ولكنه قتال من نوع خاص هذه المرة

بدأ بنظرات نارية من حماتي لي.. وأعقبها مصمصة للشفتين مدعمة بأسلحة دمار شامل من كلمات موجهة لي تحرق الدم.. لأن عمر صالحني ولم يستمع اليها.. وعلى الجانب الآخر من الجبهة كانت أمي تحمل الراية وتوجه مدافعها الرشاشة الى عمر هذه المرة لأنه تجرأ وأغضب القطة الوديعة مغمضة العينين اللي هي أنا

وكدت أبكي في لحظات كثيرة.. وكاد عمر ينفعل في أوقات أكثر ولكننا أخذنا عهد على أنفسنا قبل أن نعزم الأسرتين على العشاء.. أننا نبتغي رضا الله من رضاهم وسنستحمل أي كلمة أو غضب من أحد الطرفين حتى نمتص شحنة الانفعال التي تسكن الصدور وتعود الأمور الى طبيعتها الأولى

وكنت عندما أرى الأمور ستشتعل بين ماما وحماتي أبادر عن الحديث عن البيبي وكيف أن الحمل متعب جدا وأني أنام كثيرا جدا ولا أطيق الأكل.. ولكن للأسف كان هذا يأتي بنتيجة عكسية بالطبع مع حماتي لأني: باتدلع على ابنها.. فيغمزني عمر عندما ينقلب وجه أمه من كلامي وكأنه يقول لي: جيتي تكحليها عميتيها

*********

قــال عمــر

:

ياااااااساتر.. أخيرا عدّت السهرة على خير.. دي ولا مفاوضات اسرائيل

بس كنا يعني حنعمل ايه؟ حنسيبهم زعلانين مننا ؟ المهم انهم نزلوا هاديين وأحسن من الأول.. بعد ما فرغوا كل شحنة النكد والعتاب عليّا أنا وسارة.. بس الحمد لله انهم كده راضيين عننا علشان ربنا يرضى عننا.. وأحلى حاجة عجبتني موقف الرجال.. والدي وحمايا.. من الحدوتة.. أخذوا ركن وقعدوا يلعبوا طاولة وكل واحد ساب مراته تفرغ قنابلها علينا حتى ترتاح

واضح ان القنابل دي كانت بتنزل على دماغهم هم فحبوا يرتاحوا شوية

*********

قــالت ســارة

:

ياااااااااااه ده انا نمت كتير اوي.. السهرة امبارح امتصت كل طاقتي في الاحتمال.. همّ نزلوا من هنا ونمت فورا بدون مقدمات.. واضح ان عمر نزل الشغل من غير ما يصحيني وتخلى عن فطاره المتين !! موضوع الحمل ده جه على حساب عمر وهو كمان حنين جدا وخايف على اني أتعب نفسي في اي حاجة وانا طبعا ما صدقت

سايقة الدلع على الآخر بأستغل الفرصة لآخر نقطة.. أف دي ريحتها مش حلوة شيلها بسرعة.. لا مش قادرة أطبخ النهاردة هات أكل معاك.. سوق بالراحة علشان البيبي.. مزاجي مش رايق عاوزة أخرج حالاً.. نفسي في أم الخلول دلوقتي

والغريبة انه مش متضايق ومحسسني اني ح أخلف صلاح الدين الأيوبي ولاّ قطز.. وعاطفته ناحيتي أصبحت أعمق وأهدأ.. بيتكلم عني وكأني لست فرد واحد بل عائلته كلها

اللهم اجمعنا سويا على حبك ولا تفرقنا أبدا

*********

قــال عمــر

:

من ساعة ما سارة سابت الشغل والمصاريف بقت نار ولسه المدير لم يعطي رأي نهائي في موضوع وظيفة الرد على العملاء من خلال الانترنت ولسه متخوف من الفكرة.. يارب يوافق علشان يحل أزمتنا دي يارب

وخلاص تعبت من فكرة الاقتراض من والدي.. أمتى بقى أقدر أعتمد على نفسي وما أحتاجش لحد تاني؟

يارب افتح لنا أبواب رزقك الحلال وأغننا من حلالك

*********

قــالت ســارة

:

رأيت فكرة مشروع ممتاز على الانترنت.. يطلبون تصميم هندسي لمدينة ألعاب ترفيهية تعليمية للأطفال.. وصاحب أفضل تصميم سيأخذ مكافأة سخية وأيضا سيعيّن المستشار الهندسي للشركة وهي شركة مقاولات متعددة الجنسيات وراتبها أضعاف ما يتقاضاه عمر

عرضت عليه الفكرة فعجبته جدا وأمضى ساعات على موقع الشركة وهو متحمس جدا لاقترابه من حلمه بالخروج من دوامة عمله الروتيني الى دائرة الابداع التي يتمناها وكان مميز جدا بها في كليته ولا تتيحها له شركته.. وكان يقضي الساعات يشرح لي أفكار المشروع وأحلامه لو أخذوه هو في هذه الوظيفة الرائعة وكيف ستتحول حياتنا الى شيء آخر

وفجأة وجدته فقد حماسه وانكسر.. ولا يتحدث في الموضوع ولا يدخل الى موقع الشركة وعندما سألته عما حدث.. أجابني باحباط: خلاص يا سارة واضح ان الموضوع ده مش لينا

قلـت: ليه ياحبيبـي التشاؤم ده؟ ايه اللي حصل ده؟.. انت كنت متحمس جدا

قـال: لما حسبتها لقيت انهم عاوزين تأمين لدخول المشروع حوالى 5 آلاف جنية وكمان انا ح أحتاج معدات تصميم وأدوات ومراجع بمبلغ كبير.. حنجيب ده كله منين ؟

قلـت: ياسيدي ربنا يحلها من عنده.. بس بلاش الاحباط ده كله

فرد بيأس وانكسار: وبعدين ياستي يعني هم ح يسيبوا كل الناس اللي متقدمين وياخدوني انا؟ يعني أنا أزيد ايه عنهم؟

فرددت بحماس: انت تزيد عنهم انك عبقري وحساس وبتشوف الاشياء بمنظور خاص بيك وانت بنفسك ياما قلتلي ان زمايلك ومديرك نفسه قالوا ان تصميماتك عبقرية بس محتاجة تمويل كبير.. وبعدين هو اي واحد من الناس الكبار ابتدا حياته ازاي؟ ماهو أكيد كان صغير زيك كده بس عنده ثقة في موهبته فكبر بيها.. انت مش عارف قيمة نفسك يا باشمهندس ولا ايه؟

انتقل الحماس اليه شيئا فشيئا ورد وقال: ياستي ربنا يكرمك بس انا حآجي ايه جنب كل الناس اللي حتقدم دي؟ مش معقول ح ياخدوني انا

قلـت: أهي هيّ دي محبطات الأعمال اللي الرسول عليه الصلاة والسلام استعاذ منها.. ياسيدي اعمل اللي عليك واجتهد والتوفيق على الله.. وبعدين نسيت سلاح ساحر اسمه الدعاء؟ يخليك تهزم اي حد قدامك وتنتصر عليه كمان

استعاد ثقته بنفسه وتلون صوته بالأمل ولمعت عيناه وهو يقول: يعني انتي شايفة كده ؟

فرددت بسعادة: طبعا انا مؤمنة بموهبتك جدا.. يالاّ توكل على الله وابدأ وابذل كل جهدك ولن يضيعك الله أبدا.. وبكرة تقول سارة كان عندها حق

احتضنني بسعادة وهو يقول: ربنا يخليكي ليّا وتفضلي على طول جنبي كده

ثم أبعدني عنه عندما تذكر أمرا يؤرقه: طيب والفلوس حنجيبها منين وانتي عارفة والدي خلص كل مدخراته على جوازنا؟

فرددت بثقة في الله: ما تخافش ربنا ح يحلها من عنده

*********

في الصباح بعد ما ذهب عمر على عمله ذهبت في مشوار سري الى الجواهرجي وبعت كل شبكتي وذهبي قبل أن أتزوج ولم أترك الا دبلة زواجي لأن عليها اسم عمر.. يارب المبلغ ده يكفي المشروع

أكيد عمر حيرفض في البداية بس ح احاول أقنعه بس يارب ما يعملهاش مشكلة

وفي طريق عودتي أخذت جزء بسيط من المبلغ واشتريت به لحم ودجاج وخضار وفاكهة يعوضنا عن حياة القحط التي نعيشها منذ تركت عملي.. سأعد لعمر وليمة اليوم

وعندما دخل عمر البيت وشم رائحة اللحم الشهي ظن انه أخطأ العنوان لأنه ترك البيت وليس به الا معلبات.. ثم عندما تأكد من العنوان صرخ مثل طرزان وقال: في بيتنا لحمة يارجالة.. جبتي منين الممنوعات دي يا مدام ؟

بلعت ريقي وانا اتمتم بالمعوذتين في سري وأخذته لغرفة النوم ليغير ملابسه أولا وهمست له: مش ح أقول لك الا لما تقول لي مبروك الأول

رد بابتسامة كبيرة: مبروك يا ستي انتي حامل تاني ولا ايه ؟

قلـت: يا غلاستك.. لا ياسيدي.. ح أدخل مشروع كبير اوي مكسبه مضمون جدا

قـال بغضب: عاوزة تشتغلي تاني ياسارة ؟

رددت بدلال: لا ياسيدي.. انت اللي حتشتغل عندي

فعقد جبينه وتململ: سارة انا تعبان ومش رايق للحواديت دي.. قولي فيه ايه؟

بلعت ريقي هذه المرة بصعوبة وقلت: طيب أنا ح أقولك.. بس اهدا كده وفكر الأول قبل ما ترد.. بص ياحبيبي انا بعت كل دهبي علشان أوفرلك الفلوس اللي انت محتاجها للمشروع بتاعك

صرخ بعنف وقد تطايرت كلمات الغضب منه: اييييييييييه؟ عملتي ايه ؟ ازاي تعملي كده قبل ما تستأذنيني ؟ انتي بتهرجي ؟

وضعت يدي على فمه واستحلفته ان يتركني أشرح له: هو انا عمري عملت حاجة من غير ما أستأذنك يا عمر؟ بس دي ما كنتش حتوافق أبدا عليها.. كان لازم واحد فينا يتحرك قبل ما الفرصة تضيع مننا.. وانا ياسيدي مش لازمني الذهب ده في حاجة دلوقتي.. وبكرة لما ربنا يفرجها عليك تجيب لي الماظ بداله يا سيدي

رد بعصبية: برضه كان لازم تستأذنيني الأول

قلـت: حقك عليّا.. أنا آسفة.. بس انا كمان عاوزة حياتنا تتغير وعاوزاك تكبر.. وياسيدي لو كنا جينا من برة مرة لقينا الشقة اتسرقت وفيها كل ذهبي كنا ح نعمل ايه يعني؟ مش ح نستعوض الله ؟ اعتبره اتسرق ولا ضاع وخلاص

رد بعناد: بس انا كرامتي ما تسمحش اني آخد فلوس من واحدة ست

فحككت رأسي علامة التفكير: ياااااااربي انا شفت الفيلم ده فين قبل كده؟؟ في أي سينما؟.. ست مين ياحبيبي ؟ ده أنا مراتك والخير اللي ح يجيلك ح يجيلي أنا كمان.. وبعدين ماهي السيدة خديجة كانت بتساند الرسول عليه الصلاة والسلام بمالها.. انت يعني أحسن منه ؟

فهدأ ولان لمنطقي وقال باستسلام: لا طبعا.. بس دي تضحية كبيرة منك ياسارة وأخاف أخذلك

ابتسمت وقلت: ولا تضحية ولا حاجة هو احنا لما نبني حياتنا نبقى بنضحي؟ وبعدين أنا مؤمنة بموهبتك جدا جدا جدا وعندي يقين ان ربنا ح يكرمك بس انت يالاّ أبدأ وبلاش كسل

أشرق وجهه بالأمل والحب معا وهو يضمني اليه ويقول: جميلك ده طوق في رقبتي.. ربنا يقدرني ويوفقني علشان خاطرك انتي يا حبيبتي


 

*********

17


 



 



 

قــالت ســارة

:

أخيرا استلمت عملي الجديد.. بعد طول الحاح من عمر على مديره وبعد ان وافق المدير مقابل تخفيض جزء من الراتب لأني لن أحضروسأعمل من البيت ..... لكن مش مهم ....عندما أحسب تكاليف المواصلات والشاي والقهوة الخ الخ التي كنت أصرفها في عملي القديم أجد اني انا الكسبانة.. ولكن العمل ليس سهلا كما كنت أتخيل فهو يتطلب يقظة دائمة ولباقة كبيرة في طريقة الكتابة والتعامل مع العملاء

وكنت أظن اني سأستيقظ كما يحلو لي وأعمل وقت ما أريد.. ولكني ايميلي الذي صنعته خصيصا للعمل مفتوح دائما على ايميل مدير المشروع ليرسل لي الأوامر كل لحظة.. وكان في البداية يكتب لي في كلمات مختصرة ماذا أفعل.. أرسلي فاكس العمرانية ولا تنسي كذا وذكريهم بكذا وموعد كذا.. وبعد مرور شهر واحد فقط أصبح يخاطبني بالكلمات فقط.. فاكس العمرانية.. ثم ينهي المحادثة

خايفة بعد مرور شهر كمان يرسل لي رموز.. ظ: يعني عملاء السلام..و ق: يعني عملاء المريخ

لكني سعيدة جدا بهذا العمل وقادرة على القيام بأعمال منزلي في نفس الوقت فأكون باسلق اللحمة وأنا بابعت الفاكسات وبأقشر البطاطس وأنا بأرسل بالعروض للعملاء.. وكمان خفف قليلا من ضغط المصروفات علينا.. وخصوصا أن عمر حالته النفسية والمزاجية صعبة جدا بسبب المشروع الذي يصممه

*********

قــال عمــر

:

أنا اللي جبت ده كله لنفسي -

تدور هذه العبارة دائما في بالي وأنا أعمل في التصميم الخاص بالمسابقة.. لماذا أدخلت نفسي في هذه المشكلة؟ ماذا لو لم ينجح التصميم؟ أكون ضيعت ذهب سارة وتحويشة العمر بلا جدوى؟

هذه الفكرة عندما أصل لها أكاد أصاب بالجنون وتجعلني في غاية العصبية.. والمسكينة سارة تقابل كل نوبات غضبي وعصبيتي الرهيبة  بالهدوء والاحتمال ولا تكاد تمل من التشجيع ولا يتوقف أملها أبدا

آه لو أري الدنيا بنظرتها الطفولية المتفائلة سأفعل المستحيل.. ولكن علمي بظروف التعاملات التجارية تجعلني أشك في انهم سيختاروني أنا وسيأخذون أحد الأسماء اللامعة مسبقا

عندما أصل لهذه النقطة أكاد أبكي مثل الأطفال وأترك كل العمل وأنزوي وحدي.. ولكن ملاكي الحارس تأتيني لتمسح عني كل الاكتئاب واليأس  وتبث في روح جديدة خلاقة تجعلني أعمل من جديد

علمت الآن لماذا كان الرسول صلي الله علىه وسلم يستعيذ من عجز الرجال.. وكنت أتعجب من علاقتها ببقية الدعاء.. ان هذا العجز أصعب من كل شيء

يارب لا تخذلني ولا تكلني الى نفسي طرفة عين.. أنت وكيلي يارب وأعلم انك لن تضيعني

*********

قــالت ســارة

:

أنا اللي جبت ده كله لنفسي -

أتذكر هذه العبارة كلما هم عمر بالقاء كوب شاي في وجهي اذا دخلت عليه وهو يعمل.. أو وصوته يهدر كالرعد عندما يجد الملح ناقص في الطعام بعض الشيء

فأغلي من داخلي ولكني لا استطيع أن أظهر غضبي منه بل بالعكس أهدئه وأضحك معه بأن المرة القادمة ينبهني قبل أن تنفجر القنابل في صوته كي أغلق الشبابيك أولا.. فيهدأ ويعتذر عن توتره الرهيب ولكني أخشي عليه من كل هذا.. وأعلم ان الرجال لا يستطيعون التركيز في أكثر من شيء عكس النساء.. ولكني أحيانا أستسلم لليأس أنا الأخرى ولكني لا أشعره به أبدا بل أشعره انه أفضل مهندس في العالم وتصميمه ح يكسر الدنيا

والمشكلة اني أحمل كل هذا الجبل من المسئولية وحدي فلم نخبر أي من الأسرتين بهذا الموضوع كي لا يضغطون على أعصاب عمر ويتهمونه بتبديد مدخراتي.. وحتى أمي لاحظت اني لا أرتدي سوي دبلة زواجي فسألتني عدة مرات عن ذهبي فكنت أرد بمزاح: هو لسه فيه حد ياماما بيلبس دهب؟ ده بقي مش ستايل خالص

وكانت تبتلع اجاباتي مضطرة وتنظر لي نظرة ذات مغزي وكأنها تعلم كل شيء

يارب كن معنا نحن ضعاف وانت قوتنا

نحن خائفون وانت ملاذنا

نحن صغار وانت وكيلنا

-

-

سارة.. سارة.. سارة الحقي يا سارة تعالى بسرعة

قمت من مكاني منتفضة على صوت عمر المدوي والذي يرقص من الفرح وأنا أتساءل: خير خير.. فيه ايه يا حبيبي؟

رد عليّ قائلاً: كلمت سكرتير الشركة الجديدة لأطمئن على الأحوال فبشرني انهم نظرا لضخامة المشروع سيأخذون أفضل ثلاثة تصاميم وليس تصميم واحد

فرقصت من الفرحة وانا أصرخ: بجد ؟!! الحمد لله.. الحمد لله كده فرصتك بقت كبيرة أوي ياعمر..يالا شد حيلك وبلاش كسل

فقال بصوت ينفجر حماسة: أيوة فعلا مفيش وقت خلاص.. والله ياسارة مش عارف من غيرك كنت ح أكمل ازاي.. لو كنت لوحدي كان زماني يئست وسبت الموضوع كله.. ربنا يخليكي لي..انتي استحملتيني كتير اوي

فرددت بفخر: بس خليك فاكرها !! ياحبيبي انت مستهين بناس ربنا وكيلهم؟ ازاي يعني؟ وبعدين انت بجد عبقري وبكرة تقول سارة قالت

فهمس لي بنظرة ذات معني: بجد ؟ يعني انتي شايفة كده؟

ففهمت ماذا يقصد وقلت له بلهجة آمرة: يالا يا سيدي مفيش وقت للدلع عاوزاك تشتغل زي النار.. يالا انت لسه قاعد؟ ايه الرجالة اللي ما بتسمعش الكلام دي؟ ولا عاوزني أزعق لك قدام ابنك ؟

فوضع يدي على بطني المنتفخة وكأنه يشرك ابننا في الحديث معه: والله انتوا الاتنين وش الخير على وانا حأعمل المستحيل علشان أسعدكم

وتركني وانصرف لعمله وتلمست بطني كأني ألمس صغيري وأعتذر له أني أنشغلت عنه.. وأخذت أناجيه وأحكي له عن كل ما يشغلني و كل ماأشعر به تجاهه كما أفعل دائما وكيف لا وهو يشاركني نبضي ؟

ترى يا صغيري ماذا سيكتب لنا الله ؟

هل سنحقق نجاحا كأسرة ونحقق احلامنا ؟

أم..؟

*********

دخلتُ في شهري التاسع أصعب شهور الحمل على الاطلاق وأخبرنا الطبيب أني حامل في ذكر.. انتفخ جسدي وتورمت قدماي وأصبحت أسير بصعوبة من ثقل الجنين.. سبحان الله هل لابد من كل هذا العذاب كي تشعر الأم بغلو أبنها ؟

أعتقد هذا هو السبب أتخيل لولم يكن هناك حمل وتعب رهيب وتذهت الأم الى المستشفي وبعملية بسيطة مثل اللوز مثلا تستيقظ لتجد ابنها بجوارها أكيد لن يعجبها وستصرخ في الطبيب: ايه ده ؟ ماله أسمر كده؟ لا شوف لي واحد مقلّم

لكن عندما ينمو بجوار قلبها يوما بعد يوم ويشاركها الأنفاس والطعام والنبض والنوم وكل شيء.. أكيد لو خيروها بينه وبين عيونها لاختارته

ويارب صبرني على هذا الجهد فلا أكاد آكل أي شيء الا وشعرت بنار داخل جوفي تحتاج المطافي من ضغط البيبي على المعدة.. ولا أستطيع النوم على ظهري الا وشعرت بأنفاسي تكاد تختنق من ضغطه على الرئتين.. ولا أستطيع المشي الا وأشعر ان قدماي المنتفختان تئن من ضغط الباشا عليهما

طيب أروح فين يارب من هذا الاحتلال لكل جسدي؟ ولكنه أجمل احتلال

*********

قــال عمــر

:

أووووووووووف أخيرا سلّمت المشروع والنتيجة بعد أيام

أشعر مثل طلاب الثانوية العامة الذين ينتظرون نتيجة الفيزياء.. يارب يعدي الأيام دي على خير

أنا متفائل أن لجنة التحكيم من الأجانب الذين لا مصالح ولا مجاملات لهم في هذا البلد.. فقط الجودة والاتقان هما اللذان سيحددان النتيجة

ياااااه لو اختاروا مشروعي أنا سأفعل المعجزات.. سأتصدق بمال كثير و أعمل صدقة جارية لينا لكنا.. وسأعوض سارة كل ذهبها الذي باعته وأكثر كمان وسأشتري لها هدية رائعة على صبرها معي.. وبعد الولادة سآخذها هي والبيبي في رحلة في جنوب سيناء لأعوضها الضغط الذي عاشته معي ونعيش شهر عسل جديد.. وسأشتري هدايا لأبي وأمي

طيب وشركتي القديمة هل سأستقيل منها أم آخذ أجازة فقط حتى تستقر الأمور؟ يااااه معقول كل حياتي تتغير بهذا الشكل؟

يارب كن معي ولا تخذلني أمام أهلي وأمام نفسي يارب يارب

*********

قــالت ســارة

:

هل مفروض الأم تكون وجدت كنز سليمان قبل أن تشتري لوازم المولود؟.. ما هذا الغلاء الفاحش؟.. معقول ببرونة من ماركة معينة تتجاوز ثمنها 50 جنيه ؟ وأقل بطانية بـ 70 جنيه ؟

وأنا كنت فاكرة الجمعية اللي عملتها من مرتبي.. وطبعا قبضتها الأول.. ستكفي وتفيض

لا وأنا كنت متخيلة أن الأشياء التي أشتريتها طوال الحمل للبيبي هي الأساس وباقي أشياء لا تذكر

ولكن أتضح اني كنت أشتري تبع اعلانات التليفزيون.. شاور علشان حمام البيبي.. لوشن مرطب لبشرته الرقيقة.. أيس كاب لشعره

والحمد لله أني اشتريت كام فانلة وسالوبيتين علشان الواحد يقول الحق

كنت أظن اني أشتريت أغلب الأشياء حتى كلمتني أمي في التليفون وسألتني عما اشتريته للمولود فرديت بمنتهي الثقة: خلاص ياماما.. كله تمام فاضل حاجات بسيطة أوي

ردت ماما وقالت: ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي.. طيب اشتريتي 12 فانلة نص كم و12 بكم ؟

فرددت باستغراب: ليه يا ماما ؟ أنا جبت 3 كت بس

فردت بجزع: تلاتة؟..  ده طول النهار حيغير هدومه.. وكمان كت؟.. يا مفترية في البرد ده ؟ طيب جبتي الشايات ؟

فصرخت: مين يا فندم ؟ يعني ايه الكلمة دي ؟ بتوع ايه؟.. أنا لو أعرف أقول على طول يابيه ؟

فردت بتأفف: دول بيتلبسوا تحت الهدوم علشان يدفوا صدره يا ستي.. طيب جبتي البافتات؟ وقبل ما تسألي دول علشان لو رجع بعد الرضاعة ولا حاجة ؟

وأحسست بدوار شديد وخوف من التوبيخ الذي سأسمعه حالا فألقيت باجابتي وبعدت السماعة عن أذني كي لا أسمع: لا أن شاء الله مش ح يرجع ياماما.. وبعدين ممكن أستعمل كلينكس ولا حاجة

صرخت ماما في وجهي قائلة: .............!!!؟

(محذوف للرقابة)

فخفت على أمي من الذبحة المتوقعة التي ستصيبها من ردودي.. فقلت لها:  ياماما هو أنا عندي عشر عيال ح أعرف الكلام الغريب ده منين؟.. قولي لي أشتري ايه وأنا أكتبه وأجيبه يالا قولي

فأخذت أمي ترص قائمة طويلة عريضة بها ألف طلب وطلب وكأني سألد حضانة وليس طفلا واحدا.. وأنا أكاد أبكي من كل هذه الكوارث

ياترى لو بعت أوضة السفرة سيكفي ثمنها ؟


والغريب أنها لم تذكر اللوشن المرطب ولا الآيس كاب اللذين اشتريتهم بالفعل

حاولت أن أنهي المكالمة بانتصار على أمي أنها نسيت شيئا هاما جدا وقلت بمنتهي الثقة والفخر: نسيتي ياماما أهم حاجة أنا بقي ما نسيتهمش واشتريتهم فعلا.. اللوشن والآيس كاب

فبدأت أعراض الذبحة تظهر عليها وقالت لي بصوت واهن: اقفلي يا سارة السكة قبل ما أقفل في وشك أنا

*********

استيقظتُ من نوم متقطع بعد العصر بقليل وخرجت لأكمل ختمة القرآن التي بدأتها كي لا تفاجئني الولادة قبل أن أنهيها.. لأجد منظر غريب طار له قلبي

وجدت عمر نائما على كنبة الصالة بكامل ملابسه حتى بالحذاء؟ ويخفي وجهه بين يديه باحكام.. والظلام يحيط به من كل جانب فأضأت الأنوار وتلمست جبينه لأجده غارقا في عرقه وليس نائما كما ظننت ولكنه شارد النظرات لا يريد أن ينظر الى.. فجذبت وجهه الى وصرخت في جزع: عمر انت تعبان ؟ مالك فيه ايه ؟ أنت كويس؟

عمـر: .........!!!؟

أنا: ياعمر رد على أرجوك فيه ايه أنا أول مرة أشوفك كده فيه أيه ؟

فرد بصوت واهن لا يكاد يسمع: نتيجة المشروع ظهرت

ففهمت كل شيء بدون أن يكمل وفهمت أنهم لم يختاروا مشروعه فسقط قلبي في قدمي ومادت بي الدنيا

....


 



 

الأخيرة



 



 

قــالت ســارة

:

لن أنسى تلك اللحظة التي أخبرني فيها عمر بعدم اختيار الشركة لتصميمه.. وقتها تماسكت ولم أنفجر في البكاء كما كنت أتمنى.. واجتهدت أن أخرج صوتي طبيعي وأنا أكمل اجابته: وما اختاروش مشروعك مش كده؟ طيب وفيها ايه؟ ماهو الاحتمال ده كنا متوقعينه برضه؟ ايه المشكلة؟

فرد على عمر وكأنه كهل عجوز يحمل الدنيا فوق كتفيه: ايه المشكلة؟ ايه البساطة دي؟ المشكلة أننا خسرنا كل حاجة.. انتي خسرتي كل ذهبك وانا خسرت ثقتي في نفسي وشكلي أمام الكل وخسرتك معايا كل حاجة

فرددت بمرح: الكل مين ياحبيبي؟ أنا بس اللي عارفة الموضوع ده.. وبعدين تفتكر شكلك ح يتهز قدامي من محاولة خسرتها؟.. ده انت الدنيا ومافيها يا حبيبي وفداك دهب العلم كله

فلم يستطع النظر الى عيني وأشاح وجهه عني كي لا أرى دموع عينيه: أرجوكي يا سارة انتي بتزودي احساسي بالذنب بكلامك ده.. أنا خذلتك وضيعت كل حاجة.. وربنا يقدرني وأعوضك.. أنا آسف آسف آسف

فأخذت أقرأ آيات القرآن على جبينه كي يهدأ.. وأنا أطلب من الله القوة والعون كي لا أنهار مثله

من يقول على المرأة أنها أضعف من الرجل؟.. انها مطلوب منها أن تكون زوجته وحبيبته وأخته وصديقته وأمه أيضا.. فهداني الله لفكرة ممكن أن تهدئه قليلا فقلت له: ياريت كل الخسارة تكون في الفلوس تخيل لو أنك حصل لك حاجة حنعمل ايه أنا وابنك في الدنيا؟ ربنا يخليك لنا ألف سنة.. أنت لسه بكامل صحتك وفي عز شبابك وتستطيع فعل المعجزات تخيل لو فقدت هذه الصحة وكسبت المشروع ؟ أيهم سيسعدك أكثر؟

فهدأ قليلا لكلامي ولكنه رد بألم: وقال لي أنا آسف ياسارة.. ولكنك لا تعرفين إحساس الرجل عندما يشعر أنه صغير في عين من يحب.. كان نفسي أفرحك والله

فرددت بمكر وبحزن مفتعل: طيب يا عمر أنا ما كنتش عاوزة أقول لك بس خلاص بقى.. الحقيقة الدكتور قال لي أن البيبي ممكن تكون فيه تشوهات

نسي كل شيء وصرخ بلهفة: ايه بتقولي ايه؟؟ لا اله الا الله

فضحكت لنجاح خطتي وقلت له: ضحكت عليك.. الولد كويس وزي العفريت ومطلع عيني ياسيدي.. شفت بقي ان المشروع ممكن يتعوض وفيه حاجات تانية لا يمكن تتعوض؟

فرد بايمان: الحمد لله.. فعلا الشيطان ينسينا النعم الكثيرة التي ننعم بها ويذكرنا فقط بما فقدنا.. ربنا يخليكي لي انتي ويحيى

تساءلتُ باستغراب: مين يحيى ده يا باشا؟

قـال: ايه رأيك في الاسم ده؟ ده الاسم الوحيد من كل اسماء الكون اللي ربنا عز وجل اختاره بنفسه لنبيه زكريا.. لم نجعل له من قبل سميا.. وبقية الأسماء من اختيار البشر.. وبعدين قصة سيدنا يحيى تكشف شخصية نورانية تعشقيها من كثرة صفائها.. لدرجة أن كل المخلوفات كانت تسبح معه عندما يسبح الله.. وكمان مات شهيدا.. ايه رأيك يا حبيبتي؟

قلت بابتسامة: خلاص موافقة يا أبو يحيي

*********

استيقظتُ من نومي وأنا أعاني من الام متفرقة في كل جسدي.. تقريبا لم أنم طوال الليل.. ظللت أتقلب ولم أستطع النوم الا لدقائق معدودة كما هو حالى من عدة أيام وأبكي في كل حركة من ثقل جسدي حتى اني كل يوم اتمني ان ألد في نفس اليوم لأتخلص من هذا العذاب

سبحان الله وكأن التعب يزداد في الأيام الأخيرة كي تتغلب الأم على خوفها من الولادة وتتمناها أن تحدث.. آه أكاد أموت من الرعب عندما أتخيل هذه الساعات وأقرأ دوما سورة الزلزلة وبعض آيات سور الرعد وفاطر التي تساعد على تيسير الولادة كما قالوا لي

ولا ترحمني أي واحدة من قريباتي عندما أخبرها بخوفي من الولادة بل تقص على قصص مرعبة عن أنها كادت تموت والأخرى التي تمزقت من الألم لساعات طويلة.. والثالثة التي كادت تقتل الطبيب والممرضات

ايه يا جماعة الرعب ده؟ طيب أعمل ايه يعني أفضل حامل على طول ولا أعمل ايه؟

ايه ده عمر بيصرخ كده ليه؟

سارة سارة سارة.. تعالي بسرعة

هرولت اليه ولكن بسرعة السلحفاة طبعا وانا اهتف: مالك يا عمر خير؟

عمـر: أنا مش مصدق نفسي يا سارة بجد مش مصدق

أنـا: ايه يا عمر فيه أيه.. أنا ولدت وأنا مش واخدة بالي؟

فأجاب وقلبه يكاد يتوقف من الفرحة: لا.. فاكرة الشركة اللي صممت لها المشروع؟ ولم يختاروه؟

فرددت بتململ وأنا أخشى من فتح هذا الموضوع: مالها؟ عاوزين ايه تاني؟

عمـر: اتصلوا بي وقالوا ان فيه مقابلة النهاردة الساعة 6 مساء لأصحاب التصميمات المتميزة اللي ما فازتش لاختيار مهندسين للتعيين في الشركة بمرتب كبير

نسيت تعبي وارهاقي وهتفت: بجد؟ الحمد لله.. ودي فيها مميزات أحسن من شركتك ؟

عمـر: انتي بتهرّجي؟.. مفيش مقارنة طبعا.. دي ضعف الراتب وأكثر.. وكمان بالدولار.. والأهم من كده ان نظام الترقية فيها زي كل الشركات متعددة الجنسيات بالمجهود مش بالأقدمية زي عندنا.. يعني ممكن في خلال شهور أكون مدير تنفيذي مثلا.. بجد مش مصدق نفسي.. ادعي لي يا وش الخير

أنـا: ربنا يكرمك ويوفقك.. ان الله لايضيع أجر من أحسن عملاً.. ان شاء الله حيختاروك.. ده رزق يحيى مش وشي أنا.. يالاّ قوم صلي ركعتين قضاء حاجة لله قبل ما تروح واتكل على الله.. ربنا وكيلك ومش ح يضيعك أبدا

وانصرف ليصلي ويستعد للخروج وأنا أدعو الله له.. وفجأة شعرت بضربة ألم حادة تشمل جسدي كله وتتركز في منطقة الرحم وكاد توازني أن يختل من شدة الألم المفاجيء واستمر دقائق مرت على كساعات ثم اختفى تدريجيا وأنا لا أكاد أستطيع التنفس من شدة الألم حتى بعد ذهابه

وحاولت تناسيه بأن ذهبت لأصلي خلف عمر جماعة كي ندعو الله سويا أن يكرمنا ويكتب لنا الخير.. وأطال عمر الدعاء بعد الركوع وأنا أؤمن على دعاؤه بكل ذرة في كياني.. ثم سجدنا.. وجاء الألم العاصف مرة أخرى وأنا ساجدة

ياالله جسدي يتمزق ولا أقوى حتى على رفع رأسي.. وكتمت صرخة ألم كادت تفلت مني ودعوت الله وأنا أبكي وأشعر أني ضئيلة ولا أقوى على شيء أمام جند صغير من جنود الجبار ألا وهو الألم

ولا أعرف كيف نطقت التشهد الأخير ولكن الألم بدأ في الاختفاء عند نهاية الصلاة.. واستدار عمر اليّ وفزع من شحوب وجهي الرهيب والعرق المتناثر على وجهي وسألني بجزع: مالك يا حبيبتي؟ انتي تعبانة؟ بتولدي ولا ايه؟

لم أشأ أن أخبره كي لا يضيع فرصة عمره ويبقي بجواري: لا يا عمر ده السجود بس بيتعبني اوي.. بعد كده ح أصلي وأنا قاعدة.. يالا قوم استعد واتكل على الله

قال عمر بإصرار: أرجوكي ياسارة لو تعبانة قولي وأنا أسيب مواعيد الدنيا علشانك

حاولت الابتسام وانا أرد عليه: يالاّ بلاش دلع.. لسه اسبوع كامل على ميعاد الولادة انا كويسة خالص وحادخل أنام كمان

فصدقني وانصرف وأنا أدعو له.. وما كاد يغلق الباب وراءه حتى عاد الوحش ثانية و انهمرت دموعي وكدت أتخلي عن شجاعتي المؤقتة وأناديه كي لا يتركني وحيدة وهذا الألم يفتت كل ذرة في جسدي وكتمت أنفاسي في وسادة وصرخت بكل قوتي من شدة الألم

انتظرت حتى اختفى وكلمت أمي وأنا أبكي وقبل أن أشرح لها أي شيء فهمت أني ألد وأخبرتني أنها ستأتي على الفور مع أبي وطلبت مني أن أبدل ملابسي وأحضر حقيبة المولود وأستعد للذهاب الى المستشفي أول ما يوصلوا

وجريت قبل أن يأتي الاعصار مرة أخرى وبدلت ملابسي وكنت جهزت حقيبة يحيى من قبل ولم أنس الآيس كاب واللوشن

آه لا أستطيع حتى الابتسام..أين أنت يا عمر كي أحتمي بك من الزلزال الذي يأتيني بلا رحمة؟

*********

قــال عمــر

:

اين انتي يا سارة؟.. ياليتك كنتي معي

دقائق الانتظار قاتلة والجميع يبدو على وجوههم علامات القلق الشديد ولكن العدد ليس كبير..يارب يارب يارب

*********

قــالت ســارة

:

وأخيييييرا وصل ماما وبابا وأنا تكاد روحي تخرج من حلقي من شدة الألم الذي يزداد عنفا كل مرة وتتقارب نوباته حتى تكاد تلتحم.. وما ان رآني أبي في هذه الحالة حتى أجهش في البكاء وضمني اليه وكأنه يهدهد طفلته الصغيرة التي ستصبح أماً.. أما ماما فكانت متماسكة جدا وكأنها تحولت فجأة الى طبيبة نساء وهي تسألني عن مدة الألم وتباعد نوباته وعندما أخبرتها.. قالت لي بهدوء: لسه بدري أقعدوا وأنا أعمل لكم شاي.. أصل البكريّة بتطول شوية

فكدت أصرخ ولكن بابا سبقني وصرخ فيها هو: يالاّ على المستشفى بسرعة يمكن يدوها مسكن ولا يريحوها بأي شكل

فردت أمي بسخرية: مسكن ؟.. ليه؟ حتعمل اللوز؟.. أصل الولادة دي

.....

ولم يمهلها أبي عندما رأي نوبة الألم تجيئني بلا رحمة حتى لم أستطع الوقوف على قدمي فحملني كالطفلة الصغيرة وهرع خارج المنزل وأمي لا تكاد تلاحقه

*********

قــال عمــر

:

يارب ما هذا الاحساس؟ الله يكون في عونك يا سارة.. أنا أشعر وكأن مستقبلي كله سيولد من هذا المكان كما ستلد هي ابننا..آه ما أصعبه من شعور

يالله يا مغيث

*********

قــالت ســارة

:

يا الله يا مغيث.. يارب أغثني من هذا العذاب

علمت الآن لم تمنت السيدة مريم الموت قبلا عندما جاءتها آلام الولادة وهي خير نساء العالمين.. ماذا سأفعل أنا؟ الا يوجد سبيل أن يخفت الألم قليلا ؟ قلبي يكاد يتوقف

*********

قــال عمــر

:

قلبي يكاد يتوقف من القلق عند كل سؤال يسأله لي المدير الأجنبي وأتمتم بآيات القرآن وكل الأدعية التي أعرفها

يارب يارب

*********

قــالت ســارة

:

يارب يارب.. أنا خلاص مش عاوزة أولد رجعت في كلامي.. لأ حرام حأموت بجد مش قادرة.. طيب ح أولد أمتى؟ ولا مجيب

الدكتورة فحصتني وقالت باقي حوالى ساعتين

ايه؟ ساعتين كاملتين في هذا العذاب؟

الدقيقة تسوي دهر كامل

يارب مش قادرة خلاص

*********

قــال عمــر

:

يااااه مش قادر خلاص على هذا الانتظار المدمر للأعصاب.. المدير يتفحص السيرة الذاتية الخاصة بي بدقة بعد عشرات الأسئلة الدقيقة.. ثم ابتسم أخيرا وأخبرني أن أكون مستعدا للعمل معهم الأسبوع المقبل ....يالله

يكاد نبضي يتوقف من شدة الفرح.. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. وطلبت سارة لأبشرها وأشركها سعادتي

ردت على والدتها وأخبرتني بأن سارة بتولد في المستشفى

يعني كانت تعبانة فعلا قبل ماأنزل وما رضيتش تقولّي علشان ما أضيعش مقابلة العمل.. وتحملت كل هذا العذاب وحدها من أجلي؟

يارب كيف أكافيء هذا الملاك ؟

أخيرا وصلت المستشفى بعد ما كسرت عشر اشارات واتخانقت مع كل الدنيا علشان يفتحوا لي الطريق وأكاد أصرخ في وسط الشارع: مراتي بتولد يااااااااااااعالم

ووصلت لها لأجدها تحولت الى كتلة ألم.. والعرق الغزير يغطي جبينها والمحاليل تخترق كل جسدها وأبوها يبكي ويتلو القرآن وأمها تروح وتذهب مع الطبيبة وتأتي لها بأغراضها.. فلم أتمالك نفسي عندما رأيتها وقبلت يديها أمام الجميع وبكينا سويا.. وهمست في أذنها بأني عينت في الشركة الجديدة فحمدت الله في وهن

وجاءت الطبيبة تخبرنا أنها ستنقلها الى غرفة العمليات فطلبت أن أكون معها

ودخلنا وهي تصرخ من الألم العاصف وأنا أشد على يديها وأهمس في أذنها بكلمات الصبر والتشجيع وأذكرها بكل لحظاتنا الجميلة التي تشاركناها.. وهي لا تكاد تعي ما أقول ولكنها تقبض على يدي بكل قوة وكأنها تخشي أن أتركها ثانية.. وتمر الدقائق طويلة وأنا وهي نكاد نصبح كيانا واحدا صهره الألم بين يدي الرحمن نسأله أن يرزقنا قطعة منا

*********

ويمر الوقت ثقيلا حتى جاءت البشرى

صوت بكاء ابننا يشق الكون وكأنه يعلن للعالم وجوده

أخذته الطبيبة ولفّته بعناية ووضعته في أحضان سارة وأحضاني وأخذنا ننظـر اليه بحنان بالغ وقد زال كل ألم سارة عندما رأته

اخذنا نتلمسه غير مصدقين أن رحمة الله وعطاءه تتجسد في هذا الكائن مغمض العينين جميل الوجة كأنه أحد الملائكة

وحملته بحرص وتلوت كلمات الآذان والقرآن في أذنيه حتى استكان بين يدي وكأنه يعي نداء خالقه

وأخذته سارة وسالت دموعها وهي تتلمس قطعة منها نما بجوار قلبها وقالت بصوت واهن ولكن سعيد: حلو أوي مش كده ياعمر؟

فرد الأب بداخلي لأول مرة: تبارك الله أحسن الخالقين

أجمل كائن في الدنيا رأته عيني

ربنا يخليكوا لي انتي وهو يا أم يحيى يا أغلى انسانة ليّا في الوجود

-تمت بحمد الله-

*********

بقلم: أم سمـا وحـلا

*********

انتظرونا قريباً في: يوميّات بابا عمر وماما سارة